الــوهــابــيــة إمبــراطــوريــة ظــلامــيــة.. تعيش في الظلام - الدكتور نبيل طعمة
العنوان يأخذ بنا مباشرة للإضاءة عليه كي نرى ما يحتويه، بكونه حالة ظلامية واعذروني إن ذهبنا معاً إلى الأبعاد التاريخية وأوغلنا فيها قليلاً، من أجل أن نصل إلى الوضع الراهن الذي يسود الأمتين العربية والإسلامية، ومحاولات إرخاء ظلامهم على أنوارها، ولكن وفي اعتقادنا جميعاً أنهم لن يستطيعوا.. فالكل يعلم أن الوهابية تنتسب إلى محمد بن عبد الوهاب المولود في عام 1703 إلى عام 1791، وكذلك مؤسس المملكة السعودية محمد بن سعود آل مقرن؛ المولود في نهايات القرن السادس عشر والمتوفى عام 1756م، والذي يعتبر مؤسس الدولة السعودية بعد حدوث التوءمة بينهما، هذه الرابطة نتوقف عندها وعلى جميعنا التفكر بها حيث نشرح منها أن ظهور أميركا عَنى ظهور نظام عالمي جديد، ومؤكد كي ينجح كان له متطلبات كثيرة، والهدف الرئيس له انتشاره عالمياً، وهذا لا يتم إلّا من خلال تأمين أدوات تخدم حضوره، وكما ينبغي أن تتمتع تلك الأدوات بعد إيمانها به بمنظومته الفكرية، وذلك من أجل السيطرة على العالم الذي وزع أدواته فيما بينها، وحينما نخص عالمنا العربي والإسلامي نجد أن فكرة الوهابية السلفية تم توجيهها إلى أهم موقع تنطلق منه وتخدمه في الجزيرة العربية، حيث مكة قبلة المسلمين، فأنشأها فيه دامجاً آل المقرن (السعوديين مع آل عبد الوهاب) وأمدّهم ذاك النظام بعد أن درّبهم وزرع أفكاره فيهم من خلال مفكري تشلسي الإنكليزية، وهنا أذكر بعضاً مما ورد في كتاب بعنوان مذكرات المستر همفري، في الفصل الثاني يتحدث همفري: "أوفدتني وزارة المستعمرات البريطانية عام 1710م إلى كل من مصر والعراق وطهران والحجاز والأستانة".. وبقي ما يقرب من عشرين عاماً يجمع المعلومات التي تؤدي إلى اكتشاف الأشخاص وتوليتهم بعد تدريبهم وتعليمهم أي تجنيدهم، والغاية تعزيز السبل الكفيلة بإبقاء المسلمين في حالة تشرذم وتمزق دائماً، وكذلك وضع اليد من خلالهم لنشر السيطرة على بلاد الإسلام، وبُعث في نفس الوقت تسعة آخرون من خيرة الموظفين لدى الوزارة؛ ممن تكتمل فيهم الحيوية والنشاط والتحمس لسيطرة الحكومة البريطانية على سائر أجزاء الإمبراطورية العثمانية، وسائر بلاد المسلمين، ويضيف: وقد زودتنا الوزارة بالمال الكافي، والمعلومات اللازمة، والخرائط الممكنة، وأسماء الحكام والعلماء ورؤساء القبائل." من الفصل الخامس والسادس" في سفرتي إلى العراق وجدت ما يثلج الصدر، وكدت أخرج عن جلدي من شدة الفرح، فقد وجدت ضالتي وكانت هذه الضالة موجودة فيما يدعى الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فأخذت الخطة التي وضعتها وزارة المستعمرات في لندن وطالبته - من أجل أن نمنحهم فرصة الحكم في الدين والملك- عليهم أن ينفذوا هذه البنود بدقة وهي:
1- تكفير كل المسلمين وإباحة قتلهم وسلب أموالهم وهتك أعراضهم وبيعهم في أسواق النخاسة، وجعلهم عبيداً ونسائهم جواري.
2- هدم الكعبة باسم أنها آثار وثنية إن أمكن ومنع الناس من الحج وإغراء القبائل بسلب الحجاج وقتلهم.
3- السعي لخلع طاعة الخليفة، والإغراء لمحاربته وتجهيز الجيوش لذلك، ومن اللازم أيضاً محاربة (أشراف الحجاز) بكل الوسائل الممكنة، والتقليل من نفوذهم.
4- هدم القباب والأضرحة والأماكن المقدسة عند المسلمين في مكة والمدينة وسائر البلاد التي يمكنه ذلك فيها باسم أنها وثنية وشرك، والاستهانة بشخصية النبي (محمد) وخلفائه ورجال الإسلام بما يتيسر.
5- نشر الفوضى والإرهاب في البلاد حسب ما يمكنه ذلك.
6- نشر قرآن فيه التعديل الذي ثبت في الأحاديث من زيادة ونقيصة."
"لقد وعدني (الشيخ) بتنفيذ كل الخطة السداسية إلا أنه قال: إنه لا يتمكن في الحال الحاضر إلّا على الإجهار ببعضها وهكذا كان، وقد استبعد الشيخ أن يقدر على (هدم الكعبة) عند الاستيلاء عليها، كما لم يبُح عند الناس بأنها وثنية، وكذلك استبعد قدرته على صياغة قرآن جديد وكان أشد خوفه من السلطة في (مكة) وفي (الأستانة)، وكان يقول: إذا أظهرنا هذين الأمرين لابد وأن يُجهز لنا جيوش لا قبل لنا بها، وقبلت منه العذر لأن الأجواء لم تكن مهيئة كما قال الشيخ."
ووجّههم إلى الإسلام دون الإيمان، وبث فيهم روح السيطرة على تلك المساحة التي أنجزت في ذاك التاريخ البعيد،أي: على النجاحات التي حققها الإيمان بمدينة العلم وبواباتها (الديانة المحمدية) فعلاً.. ومع توالي الأحداث وتطور النظام العالمي القادم من أميركا؛ وحينما نتبصر كيف أنهم أي: الوهابيون السعوديون اجتاحوا الكوفة وكربلاء ودمشق بعد أن سيطروا على كامل الجزيرة العربية، وفرضوا لغتهم عليها واتجهوا شرقاً وغرباً في العالمين العربي والإسلامي، وعاثوا فيه ظلاماً فكرياً إلى أن أتى من يعيد فتح الباب.. ولذلك وجدنا حروبهما على المؤمنين بإنسانية الإنسان، فوافقوا مع حروبهم على قيامة الكيان الصهيوني في فلسطين، مستندين إليه بكونه حاضنتهم الحقيقية وأمهم الرؤوم، أي اعتمدوا عليه في أمنهم الإسلامي الوهابي مقابل السيطرة على من يحاول فتح بوابة مدينة العلم، والتي فتحت حقيقة من قبل إيران وسورية وباكستان، قبل أن يسيطر عليها من قبلهم..
وحينما نعود إلى بداية ظهورهم من خلال تزاوج ابن محمد بن سعود بابنة الإمام محمد بن عبد الوهاب، نتبيّن إنه لم يتم إطلاق آل سعود إلّا في عهد سعود بن عبد العزيز آل سعود، بكون آل المقرن سلالة تربَّت في كنف قبيلة عنزة بن وائل، وهذه القبيلة قادمة من يهود الخزر أسوأ قبائل اليهود تاريخياً، والتي قَدِمت من مناطق شمال البحر الأسود ودخلت العراق، ومن العراق إلى الكويت ومن الكويت إلى الجزيرة العربية، حيث استوطنت منطقة الدرعية، والتي تحولت فيما بعد إلى مدينة الرياض، فيما اتفق الاثنان: محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب على تأسيس إمارة تتحول لاحقاً إلى مملكة، بعد حروب عدة كانت على شكل غزوات سادها النهب والسلب، وأطلقوا عليها بالغنائم ضمن اتفاق خطير: بأن المُلك لآل سعود والدين لآل عبد الوهاب.. فما قصة الآل التي تسود الجزيرة العربية..؟! وكلنا يعلم أن آل روتشيلد، وروتشيلد هو إسحاق إكانان اليهودي الألماني المولود في القرن السادس عشر. إن كلمة روتشيلد تعني بالألمانية "العلامة الحمراء".. لماذا أربط هذا بذاك، وعلاقة يهود الدونما بأن أسلِموا ولا تؤمنوا، وكذلك نخوض غمار الآية الكريمة:( قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) وكذلك أيضاً الآية الكريمة: (الأعراب أشدّ كفراً ونفاقاً وأجدر ألّا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم) لماذا أدخل في هذا ولست بمفسر، إنما أدعوكم لتفكروا معي بأن يهود الدونما أسلموا دون أن يؤمنوا، فالإيمان جوهر إنساني واليهودية والمسيحية والإسلام مظهر بشري، والمتابع يجد أن خطاب الحق في الديانات السماوية اتجه إلى المؤمنين، فحينما يُلقي البابا عظته في الفاتيكان من خلال الكتاب المقدس (الإنجيل) والذي يعني في السريانية نور العين؛ يقول: أيها المؤمنون، وكذلك نجد الخطاب القرآني والذي يعني أن القرآن (جمَع كل شيء) يتحدث مباشرة إلى المؤمنين: أيها المؤمنون يخص الذكور والإناث.. منه نصل إلى أن يهود الدونما أسلموا دون أن يؤمنوا وهذا ما كان في لغة آل عبد الوهاب وآل سعود، فهل الوهابية ديانة جديدة أم مذهب أم طائفة أم صورة للصهيونية اليهودية المستحدثة، والتي نحترم أصل ديانتها، وهل هي مصطلح ينضوي تحته معنى أنها حركة إسلامية سياسية نسبة إلى مؤسسيها، أراد من خلالها ابتلاع المذاهب السبعة المؤسسة من علم التكوين والروح، أي: الشافعي. والحنبلي. والحنفي. والمالكي. والجعفري نسبة إلى جعفر الصادق. والإباضي نسبة إلى عبد الله بن إباض التميمي. والزيدي نسبة إلى زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المكرم من العلي القدير؟.. ومنه نجد أن الدعوة الأخيرة التي أطلقها الملك السعودي في مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي؛ والتي دعا فيها للحوار بين المذاهب، وهو الوهابي السلفي حمَل خبث الفكر، وغايته ابتلاع المذاهب جميعاً، من أجل الدين الجديد الذي يتمتع به، فالمذاهب واختلافاتها في تطبيق الشريعة من باب: أن هذا أسبل، وذاك ضمّ، وهذا انتقض وضوءه لمصافحته النساء، وذاك رعف دماً، والتفقه أي الاختلاف في الأداء وتفرعات الحديث القادمة مما أخذه الصحابة عن الديانة المحمدية، ومحمد النبي عليه السلام القائل صلّوا كما رأيتموني أصلي، فتارة أسبل ومرة أخرى ضمّ، وهذا فسّر حديثه بشكل، وآخر بشكل؛ لكن الجميع في النهاية مؤمنون بالديانة المحمدية، واختلاف الأمة رحمة، وما فروعها إلّا على شاكلة شجرة جذرها واحد وفروعها متنوعة من اليمين إلى الشمال ومن الأمام إلى الخلف، والحوار يكون بين الأديان بغاية التسامح والالتقاء على جوهر الإيمان من أجل زيادة إنسانية الإنسان.
من كل ذلك نؤسس لفهم مفاهيم الـ آل، وأقصد بذلك ارتباط آل سعود، وآل خليفة، وآل الصباح، وآل ثاني بآل روتشيلد وآل مورغان وآل روكفلر؛ الذين أسّسوا قيامة أرض الميعاد الصهيونية في أميركا عام 1776 وصولاً إلى آل بوش، طبعاً بالتعاون مع الفكر السياسي الأوربي، وهنا أشير إلى ضرورة التفريق بين أرض الميعاد التوراتية وأرض الميعاد السياسية، أي: إن النظام العالمي الجديد منذ قيامه أُسّس للسيطرة على الجزيرة العربية، بإيجاده للدين الجديد المسمّى الوهابية السعودية وثقافة الـ آل، وبدوره يسيطر من خلالهم على العالمين العربي والإسلامي، وزُرع بعد أن مكّنت الظلامية الوهابية السعودية حضورها، والتي ساعدته في إنشاء أرض الميعاد السياسية للكيان الصهيوني في فلسطين، وحينما نعلم أن أثرياء اليهود الذين غادروا إلى أميركا؛ حيث حلمهم الحقيقي وحاول أن يلحق بهم باقي يهود الدرجة الثانية والثالثة من أوروبا الشرقية والغربية، وخوفهم من أن يعيثوا فساداً في أميركا قدَّموا لهم فلسطين كأرض ميعاد، وفي ذات الوقت كي يساعدوا آل سعود وتنعكس عليهم الفوائد في ابتزاز العالمين العربي والإسلامي، وأيضاً إبقائهم في حالة تخلّف مستمرة.
إلى أين نريد أن نصل، ومن أجل ماذا ولماذا نبحث الآن في هذا، وكذلك معنى العروبة الحقة والأعراب.. إن ما يجري على ساحات العروبة والإسلام ما هو إلا صراع وهابي سلفي مع جذر الديانة المحمدية، وأعني هنا الكثير، فالديانة المحمدية التي ظهرت في ظل تعدد وتسامح كبيرين، ومن بين ثقافات تمتعت بها ديانات رافقت ظهورها وحضورها وتم القضاء وتهجير بعضها ومنع البعض من الدخول إليها. وثنية. وصنمية. وحنيفية. ونصرانية. ومسيحية. ويهودية. وصابئة؛ والتي دعا من خلالها الرسول العربي، وتحدث بأنه بُعث ليتمم مكارم الأخلاق، أي إن وجوده وجود متناغم بين الكل ومع الكل، فماذا يفعل هؤلاء الوهابيون الذين ابتلعوا السلف الصالح وحولوه إلى سلفية وهابية إخوانية ضمن منظور؛ يسعون من خلاله للسيطرة على العالم العربي الإسلامي والإسلامي الإسلامي دون وازع من ذرة ضمير.
لقد خالف الوهابيون السلفيون بمشروعهم جوهر الإسلام التوحيدي، وحاربوا صيغ العبادات، واعتبروا أن قواعدهم التي أسّسوا لها أهدافاً تقوم على الأمر بالمعرف والنهي عن المنكر، حتى باستخدام القوة وإنكار الشِّرك، والدعوة إلى التوحيد الخالص بمحاربة التوسل والتبرك بالرسل والأنبياء وبالأولياء والصالحين أحياءً أو أمواتاً، وإنكار وهدم الأضرحة والقباب القائمة على الأولياء ومحوها كي لا تتميز، وإنكار البدع والخرافات، وفصد المتصوفة حتى الموت، وكذلك اعتبار أن التحالف بين السلطة السياسية المالية - ممثلة بآل سعود مع محمد بن عبد الوهاب كسلطة دينية - تحالف تاريخي؛ كلٌّ منهما يخدم الآخر، أدى إلى رفضهم من قبل المؤمنين أولاً، وثانياً أوجد فرقة هائلة فيما سعوا إليه، كي تسهل سيطرتهم على العالمين العربي والإسلامي.
الوهابية السعودية ترى في منهجها المنهج الصحيح لأهل السنة والجماعة، بمعنى أنها الشكل النهائي للدولة الدينية، والغاية الخبيثة هي السيطرة على الديانة المحمدية، ويرى المؤمنون أن الوهابية السعودية بعد تحريمها علم الجمال على المسلم بفنونه السبعة:(النحت والرسم والموسيقا والعمارة والمسرح والرقص والسينما) وأن جميعها محرمات، وكذا تحريم الخمر والميسر ولحم الخنزير وقسْر كلِّ ذلك على المؤمنين، وممارسته بمجون من قبلهم في قصورهم وملاهيهم الخاصة، مما أنجب الضدّ الهائل تجاههم وكشف حقيقة زيفهم ودعوة ديانتهم الباطلة..
أرجو منكم أيها القراء الأعزاء التفكر فيما نقصده، وفيما يجري على ساحتنا العربية والإسلامية وفيما يجري بشكل خاص ودقيق مع سورية، وليس عليها، فالمؤامرة الوهابية السلفية كبيرة جداً بكونها أداة من أدوات الأوروأميركي المقادة من قبل الصهيونية العالمية الحديثة.
د. نبيل طعمة
المصدر : الباحثون العدد 65 تشرين الثاني 2012
عدد القراءات :
13450
عبد الله
بين الاوهام و الاحتيار
ايها الكاتب
لقد قرأنا ما تحتويه مقالتك الغنية بمعلومات طالما سمعناها هنا وهناك فيما يخص الحركة الوهابية . و ان نظرنا الى حقيقة ما يدعيه الاعلام بشأن هذه القضية نجد انفسنا بين مفترقين.
هل نصدق كل شيء ؟
ما نتيجة الحركة الوهابية على ارض الواقع؟
فهناك التباس مخيف يشكك بهذه الحركة ببعدها التطهيري من معتقدات كانت متفشية في السابق الا ما كان يعتقدوه و يمارسوه اسلاف الامة و بالخصوص عرب الجزيرة. حيث على ارض الواقع كان هناك ضلالات في الممارسات العبادية و التقاليد العشوائية حيث نجحت الحركة بإزالتها ,