يحتفل العالم في السابع عشر من شهر حزيران / يونيو من كل عام بـ : "اليوم العالمي لمكافحة التَّصَحُّر"، ويتوافق هذا اليوم مع ذكرى التوقيع على: "اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التَّصَحُّر"في عام (1994). وبهذه المناسبة أقامت: "وزارة الدولة لشؤون البيئة" في سورية، وبالتعاون مع: "الهيئة العامة لإدارة وتنمية البادية" التابعة لرئاسة مجلس الوزراء ويقع مقرها في مدينة تدمر الواقعة بوسط البادية السورية، في يوم الأربعاء 20/ 6/2012 ، أقامتا " يوماً حقلياً " في "محمية الناصرية" بمحافظة ريف دمشق، شارك فيه باحثون متخصصون بشؤون البيئة، وكان لي شرف حضوره بدعوةٍ كريمة من الوزارة الموقَّرة. وقد أثار مصطلح: "المحمية" شغفي للبحث والتَّقَصِّي في معانيه، وسبر مدلولاته، وتحديد أهدافه، آملاً أن أقدِّم لقراء مجلة: "الباحثون" المعلومة المفيدة والنافعة، مع الإشارة إلى أنَّ هذه المقالة لا تتطرَّق إلى مفهومٍ آخر لمصطلح المحمية، الذي هو أحد أشكال الاستعمار والهيمنة والتسلُّط وتوسيع رقعة النفوذ.
المحمية الطبيعية، وجمعها المحميات، هي مكان أو قطعة أرض أو منطقة محدَّدة الأبعاد الجغرافية تقع على اليابسة أو في البحار؛ حباه الله عزّ وجلّ بطبيعة خاصة تميِّزه عن غيره من الأماكن، سواءٌ في التكوين الطبيعي أو الجيولوجي، أو فيما يعيش فيه من مخلوقات سواءٌ كانت حيوانات أم طيوراً أم أسماكاً أم نباتات وكافة أشكال الحياة فيها، نشأت كلها بشكلٍ طبيعي دون تدخل الإنسان في ذلك، بل إنَّ التدخل البشري في العناصر المكوِّنة للمحمية الطبيعية من شأنه إفسادها، بل وتدميرها. ومن هنا نشأت فكرة تأسيس المحميات الطبيعية، وكان أن تنادى البشر لوضع القوانين والتشريعات اللازمة لحماية هذه الأماكن وما تحويه من عناصر طبيعية وموارد ثقافية، من تعدِّيات أنفسهم عليها، أو من التغييرات البيئية الطبيعية، وللمساعدة على خلق ظروفٍ ملائمة ذات ديمومة للحياة البرية الفطرية النباتية والحيوانية وعدم انقراضها، ولضمان التنوع الحياتي بكلِّ أشكاله وأطيافه فيها، شاملةً الأجناس والمجتمعات والأعداد التي تعيش في البحر أو على اليابسة، والتنوع الحياتي هو – كما هو معروف – مجموعة من الكنوز الطبيعية التي لا تنضب، والتي تفتح أمام الإنسان خيارات تطوير واستدامة المحاصيل الزراعية كافة، سواءٌ المستخدمة في التغذية البشرية والحيوانية أم التصنيع، بحيث تصبح عالية الجودة كــمَّــاً ونوعاً ومقاومة للأمراض، وذلك لمواجهة تحــدِّيات المستقبل والزيادة السكانية المتوقَّعة، وقد تكون المحمية مقتصرةً فقط على حماية الأنواع الحيوانية أو النباتية، أو للرصد البيئي ومراقبة الغابات، وكل ذلك مما يضمن تنظيم طرائق التنمية المستدامة والاستهلاك المنظَّم، والمحافظة على التراث الطبيعي للمنطقة، وتشكيل أفضل مثال بيئي مهم، ويوفــِّــر بيئة ملائمة للأحياء البرية والبحرية، ويـُـــبقي على الحياة الفطرية وموائلها الطبيعية في أماكن تكوينها، وتؤمِّن أماكن للتنزه والترفيه والسياحة البيئية. وتحظر السلطات الحكومية والمنظمات الشعبية - لتحقيق التنمية المستدامة فيها – قيام الأفراد والمؤسسات بأنشطة أو تصرفات أو إجراءات أو أعمال من شأنها المساس بمستوى الجمال الطبيعي فيها، أو الإضرار بمكوِّناتها أو إتلافها أو تدميرها، أو القيام بأعمالٍ من شأنها القضاء عليها، أو أخذ أي من موادها العضوية وغير العضوية، مثل بقايا النباتات أو التربة أو الصخور والحجارة، ونقلها لأي مكان لأيِّ سببٍ من الأسباب، أو اصطياد كائناتها الحية، أو إدخال أحياءٍ غريبة إليها، أو تلويث تربتها أو مياهها أو هوائها، أو شقِّ الطرقات أو إقامة المباني والمنشآت المختلفة أو تسيير المركبات فيها، أو ممارسة الأنشطة الزراعية والصناعية والتجارية فيها إلا بتصريح من الجهات الحكومية المختصَّة، التي تعمل ضمن القواعد والشروط والترتيبات التي يحدِّدها القرار الناظم للمحمية وتعليماته التنفيذية.
ومن الواضح أنَّ الهدف الأساسي لإقامة المناطق المحمية هو حماية الموارد بحيث تعطي المنفعة القصوى للأجيال الحاضرة، ودون أن تفتقد إمكانات تلبيتها لاحتياجات وطموحات وتطوُّر الأجيال المستقبلية، ودعم مشاريع البحث العلمي في مجال التنوع الحيوي بشقَّيه النباتي والحيواني، والمساهمة في استنبات وتهجين أصنافٍ جديدة من النباتات الطبية والصيدلانية والرعوية والغذائية، وعدم استغلال الإنسان للموارد الطبيعية بشكلٍ عشوائي أو جائر، وذلك لأهمية كل ذلك فيما يتعلق بالتكاثر النباتي والحيواني، ودون أن ننسى أهميتها في تشغيل اليد العاملة. ولا يعني هذا أنَّ المحمية محرَّمة على كل شيء، فحيثما أمكن يجوز السماح ببعض الاستخدامات التجارية القائمة على أسسٍ منظمة ومستدامة، مثل الصيد والقطع الدوري للأشجار واستخدام أوراقها علفاً، إضافةً إلى السياحة البيئية المنظــَّمة التي تعود بفوائد مالية على منظــِّميها.
تُقَسَّم المحمية الطبيعية لتسهيل دراستها، ووفقاً لما هو متعارف عليه عالمياً، إلى منطقة مركزية يتم فيها المحافظة على مظاهرها كافة على حالها، سواءٌ كانت طبيعية أم ثقافية؛ ومنطقة واقية يُسمح فيها بإقامة الأنشطة المختلفة بعد الحصول على الترخيص اللازم من الجهات الإدارية المختصة وبالتشاور مع الجهات المعنية كافة، ومنطقة انتقالية يُسمح فيها بممارسة مختلف الأنشطة. ومن الطبيعي أن تحتاج كل محمية لمبنى يُستخدم لإدارة النشاطات العلمية والعملية الخاصة بمنطقة المحمية، والأفضل أن يقع في وسط المنطقة لسهولة الوصول إلى أطرافها كافة، كما ينبغي دراسة المناطق المجاورة للمحمية للتأكد من خلوها من مصادر التلوث الضارة بالمحمية، ومعالجتها جذرياً إن وجدت، وإنشاء "مشتل زراعي خاص" لإكثار وإنماء نباتات المحمية الأصلية، ومخبر لزراعة الخلايا والأنسجة النباتية للنباتات المنقرضة أو شبه المنقرضة، وبناء شبكة اتصالات لربط المحمية مع الجهات المسؤولة ومع المحميات الأخرى للتشاور والرأي.
تُعَدُّ المحميات مكاناً مثالياً لجمع إطارٍ واسع من الأنواع النباتية والحيوانية، وحفظ النادر أو المستورد منها، وإنشاء مصادر للسلالات الوراثية لحفظها للمستقبل، والتصدِّي لمكافحة التَّصَحُّر، وتخفيف تلوث التربة والماء، بالإضافة إلى تنقية الهواء من المواد الضارة وزيادة نسبة الأوكسجين فيه، والمساعدة على التخفيف من آثار الاحتباس الحراري الذي يؤثِّر على العالم بكامله، وتوفير الحياة الملائمة للإنسان حاضراً ومستقبلاً، وبناء نظام اقتصادي واجتماعي وثقافي وطني وإقليمي وعالمي، بتفاعل المجتمعات المحلية مع المختصَّين وصانعي القرار، وبالتشاور مع الجمعيات الأهلية البيئية التي تـــُعَدُّ رافداً مهماً لدعم جهود المحافظة على البيئة. ولا يوجد مساحة ثابتة لحدود المحمية المقترحة، ولا عدد محدَّداً لها، وإنما هناك حاجة متزايدة لتبرير إقامة مناطق محمية بشكلٍ مقنع ومدروس، من أجل تلبية المصالح الاجتماعية والتجارية والتنموية والتخطيطية. وينبغي على هيئات الحماية ومخططي إقامة المحميات والمهندسين الزراعيين المختصِّين بصيانة الحياة البرية أن يضعوا سياسة واضحة المعالم، وأن يمتلكوا فكرة واضحة عن الهدف من إنشاء أو تأسيس كل موقعٍ محمي، وتوفير الأسس القانونية الضرورية لإدارتها وحماية أجناسها، ولو باللجوء إلى المعاهدات الدولية الناظمة للمحميات، وترسيم حدودها بشكلٍ واضح بإقامة الأسيجة النباتية الطبيعية التي تؤطــِّرها، وبناء أبراجٍ للمراقبة، حتى يصبح بالإمكان التعامل معها كوحداتٍ مستقلة بذاتها، وأن يشيِّدوا خزاناتٍ لتجميع مياه الأمطار ولا سيما في المحميات التي لا توجد فيها أنهار أو مياه جارية، وأن يحفظوا أقساماً منها في وضعها الطبيعي أو أقرب ما يكون إلى الوضع الطبيعي، وأن يعالجوا الأخطاء والأضرار– بشكلٍ علمي ومتكامل ومدروس- التي قد تقع عند تنفيذ الخطط التي وضعوها، والمراقبة المستمرة والدورية، أرضاً، وبالتصوير الفضائي، للنظم البيئية كافة في نطاق المحمية لمعرفة مدى تأثُّرها بأفعال الإنسان، واضعين في أذهانهم أنهم لا يديرون المحمية فقط، وإنما يديرون البيئة بكل مكوناتها وعناصرها واستخدامات الأراضي التي تهم الجميع. ولا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ المحميات الطبيعية تُستخدم عادةً من أجل العلم والتدريب والأغراض البحثية، وينفذ هذه البرامج مرشدون مختصُّون يقودون مسيراتٍ راجلة أو محمولة في وسط المحمية لطلاب العلم والمعرفة والبحث. وممَّا لا شكَّ فيه أنَّ إصدار النشرات الدورية والكتــيِّبات عن نشاط المحمية وتطور الحياة البرية فيها يُعَدُّ أمراً له أهمية خاصة لزيادة توعية أفراد المجتمع بالثقافة البيئية.
نشأ مفهوم المحميات في ثمانينيات القرن العشرين من قبل عددٍ من علماء الأحياء الذين رأوا ضرورة وضع حدٍّ للتردي البيئي السريع بفعل بني البشر، وتنادوا لحماية ما يُعرف اليوم بـ: "التراث الطبيعي". ثم شاع مصطلح التنوع الحيوي في عام (1992) في مؤتمر قمة الأرض في مدينة "ريو دي جانيرو" بالبرازيل، وأصبحت المحميات مراكز رئيسية للتعمق في دراسات التنوع الحيوي الذي يضم التنوع الحيوي في المكوِّنات الوراثية أو الجينات، والتنوع الحيوي في مستوى الأنواع، والتنوع الحيوي في مستوى النظم البيئية.
في عام (1980) صدرت "الوثيقة العالمية لحماية الموارد الطبيعية من الأطماع البشرية"، التي أسهمت في إعدادها مؤسسات دولية عِدَّة:
1- "برنامج الأمم المتحدة للبيئة" " United Nation Environment Program "، ويُعرف اختصاراً بـ: " UNEP "، ومركزه في العاصمة الكينية نيروبي.
2- "الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة" " The World Conservation Union" ومقرَّه في مدينة نيويورك الأمريكية ".
3- "الصندوق الدولي للطبيعة" " World Wild Fund "، ويُعرف اختصاراً بـ:" WWF"، ومقره في جنيف بسويسرا.
4- "برنامج الوكالة الدولية للمحميات" " World Commission Protected Areas "، ويُعرف اختصاراً بـ: " WCPA ".
وقد عملت هذه المؤسسات على تقديم الدعم اللازم لحماية الموارد الطبيعية بهدف حماية مصادر الغذاء والملبس والدواء والزراعة والرعي ومواد البناء، في المحميات الطبيعية كافة، وتضم: المحمية الطبيعية الخالصة، المحمية الوطنية، المتنزَّه الوطني أو الحديقة الوطنية، محمية المناظر الطبيعية الأرضية أو البحرية، محمية المهد وإدارة الأنواع، محمية التنمية الدائمة للنظم البيئية الطبيعية، محمية إدارة الموارد الطبيعية، المحمية البشرية، محمية المحيط الحيوي، محمية إدارة تأهيل المعالم البشرية، محمية مواقع التراث الثقافي العالمي.
كما أُبرمت اتفاقيات ومعاهدات دولية عِدَّة لإنقاذ الأنواع النباتية والحيوانية المهددة بالانقراض، وكان أولها اتفاقية "رامسار" (مدينة في إيران وُقِّعَت الاتفاقية فيها في عام 1971)، بشأن حماية الأراضي الرطبة وموائل الطيور المهاجرة. ومن هذه الاتفاقيات أيضاً معاهدة "بون"، نسبةً إلى المدينة الألمانية التي وُقِّعَت الاتفاقية فيها في عام (1979)، والمخــصَّصة لحماية الحياة الفطرية. وقد زاد عدد المحميات الطبيعية والمتنزَّهات في عالم اليوم – 2012 - عن عشرة آلاف محمية ومتنزَّهاً تغطي بمجموعها مساحةً تُقَدَّر بنحو (6%) من مساحة اليابسة، وهي موزَّعة في أكثر من مئة دولة، وهذه المساحة في ازديادٍ مستمر مع تقدِّم الإنسان في المحافظة على بيئته، وتقوم منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) بتسجيل وتوثيق هذه المحميات، وتتابع الإجراءات الخاصة باستمرار حمايتها من خلال الكتب والنشرات والتعليمات التنفيذية، ومن هذه المحميات "متنزَّه نيروبي" في كينيا الذي تبلغ مساحته (115)كلم2, "محمية الوريعة" في إمارة الفجيرة بدولة الإمارات العربية المتحدة، محمية جزر المالديف البحرية في المحيط الهندي التي تُعَدُّ الأكبر من نوعها في العالم، محمية الفيوم في مصر، وهذا على سبيل المثال فقط.
المحميات الطبيعية في سورية
لم يقف السوريون موقف المتفرج على بيئتهم، بل سارع المعنيون خلال السنوات الأخيرة بإنشاء مجموعة من المحميات الطبيعية في مختلف الأنظمة البيئية، بهدف تحقيق حماية البيئة وإعادة الغابات المتدهورة، وحفظ الأنواع النباتية والحيوانية النادرة أو المهدَّدة بالانقراض، مــمَّا ساهم بحماية البيئة وزيادة الإنتاج الزراعي ومكافحة التَّصَحُّر وتخفيف ملوحة التربة ووقف تدهورها، بالإضافة إلى دورها الكبير في امتصاص غاز ثاني أوكسيد الكربون وتنقية المناخ من الغبار والمواد السامة وإطلاق غاز الأوكسجين، عدا عن تنمية المجتمع المحلي وقدراته البشرية في منطقة المحمية، وتطوير بنيتها التحتية. وقد وصل عدد المحميات في سورية حتى العام (2012) إلى نحو خمسين محمية، وسوف أدرج هنا أسماء بعضها فقط ومواقعها، وبشيءٍ من التفصيل للبعض الآخر، وأختمها بالحديث عن محمية الناصرية التي كانت المدخل لهذه المقالة:
1- محمية ضمنة السويداء بمحافظة السويداء.
2- محمية اللزاب في غربي محافظة حمص.
3- محمية دير عطية بمحافظة ريف دمشق.
4- محمية عين الشعرة الشرقية بمحافظة طرطوس.
5- محمية رأس ابن هاني بمحافظة اللاذقية.
6- محمية جزيرة أم الطيور بمحافظة اللاذقية.
7- محمية رأس البسيط بمحافظة اللاذقية.
8- محمية الباسل بمحافظة اللاذقية.
9- محمية سُبَخة الجبول بمحافظة حلب.
10- محمية جزيرة الثورة بالقرب من سد الفرات بمحافظة الرقة.
11- محمية حويجة عياش / درك الطراف بمحافظة دير الزور.
12- محمية حويجة أبو حردوب بمحافظة دير الزور.
13- محمية جبال البلعاس بمحافظة حمص.
14- محمية جبل أبو رجمين بمحافظة حمص.
15- محمية سلالة النحل السوري بمحافظة اللاذقية.
16- محمية خربة سولاس بمحافظة اللاذقية
17- محمية الحديقة النباتية بمحافظة إدلب.
18- محمية الخاتونية بمحافظة الحسكة.
19- محمية غابة النبي مَتَّى بمحافظة طرطوس.
20- محمية حويجة الصبحة والدحلة بمحافظة دير الزور.
21- محمية جبال حسياء بمحافظة حمص.
22- محمية جزل بمحافظة حمص، تأســَّست في عام (2010) بمساحة (15000) هكتار، طبيعتها تلال مرتفعة وأودية ومسيلات مائية، تعيش فيها أنواع عديدة من الحيوانات كالضباع والذئاب والثعالب والغزلان، ويطير في سمائها النسر المصري والنسر الأسمر والعقاب والصقر والباشق والبوم والغراب والقرقفان والورور، وتنبت فوق أرضها أنواع نباتية معَمِّرة كالقيصوم العطري والصر، ونباتات حولية كالجرجير وأم لبيدة.
23- محمية سُبَّخة الموح بمحافظة حمص، تأسَّست في عام (2003) على بــُــعــد عشرة كيلومترات إلى الجنوب من مدينة تدمر بمساحة (20000) هكتار، وهي عبارة عن بحيرة موسمية تتجمع فيها الأمطار مُشَكِّلةً بحيرة مالحة تــستخدمها الطيور المهاجرة العابرة للبادية السورية محطةً، حيث يجري دراستها وتوثيقها.
24- محمية طائر أبو منجل بمحافظة حمص، تأسَّست في عام (2004) على بــُــعد (17) كم إلى الغرب من مدينة تدمر بمساحة (30000) هكتار، تُعَدُّ منطقة لتكاثر طائر أبو منجل النادر والمهدد بالانقراض.
25 - محمية العضامي بمحافظة حمص، تأسَّست في عام (2009) بمساحة (3000) هكتار، تجَمُّعاتها السكانية تضم العضامي، الخفية، حيواناتها تشمل الأرانب والجرابيع والعقارب والأفاعي، وتمَّ إدخال الغزلان والمها العربي إليها، تحلق في سمائها طيور الورور والمساح والبوم والباشق والعصفور والقبرة والرش والدراج، نباتاتها المعمرة تشمل الغضا والروثة والرغل الأمريكي والرغل الملحي والشيح والصر والرغل الأسترالي، وتشمل نباتاتها الحولية القبا والقفعاء والخبيزة والأربيان وشقائق النعمان وبساط الأرض والجرجير وأدونيس والشعير البري، أُقيم فيها مظلات للحماية من الشمس ومناهل لمياه الشرب.
يعتني العاملون في المحمية بحيواناتها بتقديم الأعلاف والرعاية الصحية ومراقبة سلوكها الاجتماعي والتدخل في الحالات الطارئة، ومراقبة طيورها المستوطنة والمهاجرة وحصرها وتسجيلها، ومسح الغطاء النباتي ومراقبة تطوره والتدخل في حالات الضرورة، بالإضافة إلى استقبال الوفود الزائرة والطلبة والمهتمين بالسياحة والبيئة.
26 - محمية مرج السلطان بمحافظة ريف دمشق: تقع قرب قرية مرج السلطان بغوطة دمشق الشرقية، وتبعد عن شمال شرقي مدينة دمشق نحو (30) كم، أسَّستها في عام (2009) "الهيئة العامة لإدارة وتنمية البادية" بمساحة إجمالية مقدارها (240) دونماً، يحيط بها (16) تجمعاً سكانياً أهمها: الضمير، العتيبة، دير سلمان، النشابية، الهيجانة، ويعمل سكانها بالزراعة وتربية المواشي بشكلٍ أساسي. تعيش في أراضيها بعض الزواحف كالأفاعي والسحالي والضِّبَّة، وبعض الثدييات كالثعالب والأرانب والقوارض، وتحوم في سمائها أنواعٌ من الطيور المهاجرة والمقيمة كالقرفان والورور والهدهد.
عند بدء تأسيس المحمية أُقيم مبنىً إدارياً للمشرفين عليها، وجرى في أراضيها زراعة شجيراتٍ رعوية أهمها الرغل السوري والرغل الملحي والرغل الأمريكي والروثا، ونباتاتٍ مُعَمرة أهمها الطرفاء والحرمل والهالوك والحامول والشيح والشفلح والقبار وإبرة العجوز والشنان والقضقاض والرمرام والينتون والصر والعلندة والخرينيبة والعاقول وصابونة القاق، ونباتاتٍ حولية مثل لسان القاق وقريط وهندباء وبابونج وحنظل والزريع والشوفان البري والشويعيرة والقبأ البصيلي والخبيزة وشقائق النعمان.
حتى عام (2012) تمَّ في المحمية تسييج أرضٍ بمساحة ستين دونماً وتجهيزها بالمظلات والمشارب، وجــُــلب من محمية التليلة في محافظة حمص ثلاثون رأساً من غزال الريم، وثمانية رؤوسٍ من المها العربي لتربيتها فيها، كما تمَّ إنشاء بركة مياهٍ صغيرة لجذب الطيور المهاجرة والمستقرة. وفي مجال دعم التنوع الحيوي جرى إنشاء حقل أمهات للصبار الشوكي الأملس بمساحةٍ تزيد عن عشرة دونمات، وحديقة للنباتات الطبية والعطرية بمساحة عشرة دونمات، ومشتل زراعي لإنتاج الغراس الرعوية بمساحة عشرين دونماً بطاقةٍ إنتاجية مقدارها (600) ألف غرسة رعوية.
يقوم العاملون في المحمية بتنفيذ برامج توعية بيئية لكافة شرائح المجتمع ولا سيما الطلبة، وذلك من خلال تأسيس أنديةٍ بيئية، وإقامة الندوات والمعارض والأيام الحقلية وتشجيع السياحة البيئية، ويشجعون السكان المحليين على المحافظة على صناعاتهم التقليدية، ويخططون للتوسع بإنشاء البنى التحتية، ومركز توعية بيئية، ومتحفٍ طبيعي، ومكتب استعلامات، وبرج للمراقبة والرصد. كما أنــَّـهم يتعاونون مع الجمعيات الأهلية والجامعات الرسمية والخاصة والجهات والمنظمات الدولية ذات العلاقة لإجراء الدراسات المتعلقة بالتنوع الحيوي، وإدخال أنواعٍ جديدة من الحيوانات التي تعيش في البادية وزراعة النباتات اللازمة لتغذيتها.
27 - محمية غابة الفرنلق بمحافظة اللاذقية: تقع في جبال الساحل السوري / قطاع باير والبسيط، بالقرب من الحدود السورية – التركية، مساحتها (2300) هكتار، كلها تقريباً مغطاة بأنواعٍ مختلفة من الأشجار، منها السنديان العزري والصنوبر البروتي، وتتناثر فيها نباتات طبية وعلفية وغذائية كالخزامى والغار والسوس والملّيسة والتفاح البري والزعتر.
28 - محمية الصلنفة بمحافظة اللاذقية، وتغطيها غابات الشوح والأرز.
29 – محمية أبو قبيس بمحافظة حماة، مساحتها (400) هكتار، تغطيها غابات البلوط والملول والعزر والغار والصنوبر البروتي والقيقب وخوخ الدب والأجاص السوري والزعرور وحيد المأنث والمحلب والتفاح ثلاثي الفصوص واللوز الشرقي، وتشتهر بزراعة التبغ والقمح والأشجار المثمرة وتربية الماعز، يخترقها نهر يحمل الاسم نفسه أُقيمت على ضفتيه منشآت سياحية.
30 - محمية جبل سنِّير في سلسلة لبنان الشرقية غرب مدينة قارة بمحافظة ريف دمشق، تغطيها غابات اللزاب بدرجةٍ ضئيلة مع أنَّ أمطارها كافية، وذلك بسبب نفوذية صخورها الكلسية.
31 - محمية " رخلة – برقش" بمحافظة ريف دمشق، قرب الحدود السورية – اللبنانية، تغطيها أشجار السنديان والزعرور.
32 - محمية جبل الشيخ، أو محمية حرمون، على امتداد الحدود السورية – اللبنانية بمحافظتي ريف دمشق والقنيطرة، بدايةً من حسياء شمالاً وحتى مجدل شمس جنوباً، بطول (150) كم وعرض (45) كم، صخورها كلسية، ثلوجها شبه دائمة ولا سيما في السنوات المطيرة، تغطيها نماذج نباتية خديدية.
33 - محمية جباتا الخشب بمحافظة القنيطرة، تمتد على السفوح الشرقية والجنوبية لجبل الشيخ (حرمون)، تغطيها أشجار السنديان والملول والزعرور الأزرولي والزعرور السينائي.
34 - محمية جبل العرب بمحافظة السويداء، تغطيها غابات السنديان القلبريني والزعرور الأزرولي والزعرور السينائي.
35 - محمية الجبال التدمرية الجنوبية بمحافظة ريف دمشق، إلى الشمال الشرقي من بلدة الرحيبة، تغطيها بنسبةٍ ضئيلة أشجار البطم الأطلسي.
36 - محمية التليلة بمحافظة حمص, على بــُــعــد (30) كم إلى الجنوب الشرقي من مدينة تدمر، مساحتها (30000) هكتار، وهي عبارة عن سلسلة من التلال القليلة الارتفاع، تغطيها أعشابٌ يزيد عددها عن (300) نوع نباتي يتبع لأكثر من أربعين فصيلة نباتية يستخدمها البدو لرعي مواشيهم مثل الرمث والشيح والقيصوم والقيباء السينائي، ويعيش فيها نحو مئة نوع من الحيوانات منها العقارب والعناكب والخنافس والفراشات والضفادع والسحالي والثعابين، بالإضافة إلى المها العربي وغزلان الريم التي جــُلِبَت من السعودية والأردن وتوالدت وتكاثرت فيها، والنعام والإبل، ويطير في سمائها أنواع عديدة من الطيور مثل القبرة وأبو بليقة والصرد الزقزاق.
37 - محمية الجبال التدمرية الشمالية، أو محمية أبو رجمين بمحافظة حمص، مساحتها (45000) هكتار، تغطيها بقايا من أشجار البطم واللوز والخوخ وأنواع قبسية والبطم المعــمــِّر، ونباتات الــرَمــْن الفلسطيني والتين والبــربــريــس، وتسرح في أراضيها حيوانات مستأنسة، وتطير في سمائها أسراب مختلفة من الطيور.
38 - محمية جبل البشري بمحافظة الرقة، تغطيها أشجار البطم الأطلسي والفيرولة وأنواع قبسية.
39 - محمية جبل عبد العزيز بمحافظة الحسكة، ويــُعَدُّ الجبل جزءاً من جبل سنجار الذي سيرد ذكره، ويتميز بمناخه الجاف.
40 - محمية عين ديوار بمحافظة الحسكة، في المنطقة الحدودية السورية – العراقية – التركية.
41 - محمية جبل سنجار بمحافظة الحسكة، مشاركةً مع القطر العراقي الشقيق، تغطيه أنواع نباتية إيرانية طورانية.
42 - محمية الهري بمحافظة دير الزور قرب الحدود السورية – العراقية، تغطيها نباتات صحراوية أليفة مع الملوحة.
43 - محمية اللجاة بين محافظتي درعا والسويداء، وهي منطقة بركانية شديدة الوعورة، مساحتها نحو ألفي هكتار، سكانها نحو سبعة عشر ألف نسمة موزعين على ثلاث عشرة قرية، مهنتهم الزراعة وتربية الماشية، وتضم المحمية تنوعاً نباتياً وحيوانياً لا وجود لهما في أي مكانٍ آخر، وتطير في سمائها أنواع عديدة من الطيور. في عام (2009) سجلتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) أول محمية إنسان ومحيط حيوي في سورية، وواحدة من الشبكة العالمية لهذا النوع من المحميات الطبيعية.
44 - محمية الشوح والأرز بمحافظة اللاذقية، في الجزء الشمالي من الجبال الساحلية السورية، على السفحين الشرقي والغربي لقمة النبي موسى التي هي الأعلى في هذه الجبال (1562) م، مساحتها (1250) هكتاراً، يعيش فيها نحو خمسةٍ وستين نوعاً حيوانياً، منها الذئب والثعلب والخنزير البري والسنجاب والغزال الجبلي والأرنب البري والأيل الأسمر وفأر الغابات والقنفذ، وتطير في سمائها أنواع عديدة من الطيور، منها الشحرور والعصفور والغراب الأبقع والزيتوني وباشق العصافير والبومة الصغيرة والفراشات والجنادب، وتنبت في أرضها نحو مئتي نوع من النباتات بعضها نادر أو مهدد مثل السنديان اللبناني والمرجان العريض الأوراق والسنديان الأرزي والسوسن والقيقب والوروار الزهري. وكانت أرض المحمية موئلاً لعدة أنواع حيوانية تعرضَّت للانقراض منذ منتصف القرن الماضي كالنمر السوري والدب البني السوري، ويجري العمل على إعادتهما إلى المنطقة بإنشاء محمية خاصة بهما.
45 - محمية طوال العبا بمحافظة الرقة، تبعد عن شمال شرقي مدينة الرقة نحو (55) كم، تأسَّست في عام (2009) بمساحة كلية تبلغ (18) ألف هكتار، تضاريسها متنوعة من الهضاب والوديان والجداول المائية، وهذا مما يغني التنوع الحيوي النباتي فيها: روثة، صر، حرمل، نيتون، شيح، الجعدة، البنج الصحراوي، الزريقاء الأوروبية، القندريس، شجيرات رعوية طبيعية كالحاذ الشوكي والقبار الشوكي والكحيلاء، والحيواني: أرانب وجرابيع وسحالي وأفاعي وعقارب وذئبة، والطيور: الحمام والقطا والكدري والدراج والعصافير والحجل والعقاب والصقور.
حتى عام (2012) تمَّ في المحمية زراعة نحو ستين ألف غرسة رعوية، وألف شجرة نخيل بذري، وألف كف صبار، كما جرى حفر خندقٍ يحيط بالمحمية، وتجهيز سياج للحيوانات المدخلة بمساحة (54) هكتاراً، وإنشاء بركة صغيرة لجذب الطيور المستقرة والمهاجرة، وإعادة ترميم عدد من الأبنية القائمة مسبقاً للاستفادة منها مكاتب إدارية، وتنفيذ مركز توعية بيئي. كما نــُــقِــلَ عدد من غزلان الريم والمها العربي من محمية التليلة بمحافظة حمص.
46 - محمية الناصرية بمحافظة ريف دمشق: تقع بلدة الناصرية على تخوم البادية السورية، على بــُــعدِ نحو سبعين كيلومتراً شمال شرق مدينة دمشق، على محور القطيفة – الرحيبة – جيرود – الناصرية – القريتين، إلى الشرق من الطريق الدولي "دمشق – حمص" عند مدينة النبك. كانت أراضيها تعاني من التدهور الشديد وانعدام الغطاء النباتي بسبب نقص الأمطار وزحف الرمال الصحراوية. ولذلك جرى في عام (2010) تأسيس محمية الناصرية بمساحة (800) هكتار، بإشراف "الهيئة العامة لإدارة وتنمية البادية"، فرع ريف دمشق، بهدف حماية البلدة والمناطق المجاورة والطرقات والسكة الحديدية "دمشق – حمص" من العواصف الرملية وزحف الرمال، وتلطيف المناخ وحماية الصحة العامة لسكان المنطقة، وإعادة تأهيل الأراضي المغمورة بالرمال المتحركة وصولاً إلى تحويلها إلى أراضٍ زراعية ورعوية. وتمَّ لذلك حفر خنادق بعمق مترٍ واحدٍ على طول جبهة الرياح لاصطياد الرمال، وبناء سواتر ترابية، وغرس نحو مئة ألف غرسة من النباتات الرعوية مثل: "رغل، روثه، الغربة"، وزراعة نحو عشرة آلاف غرسة حراجية مثل: "الطرفاء، زيزفون، صنوب، ســُــمــَّــاق، لوز"، وحفر آبارٍ مائية، وشقَّ طرقٍ معبَّدة لتكون بديلاً عن الطرق الرملية العشوائية. وكان للجهود المبذولة من قبل العاملين في المحمية على مدى أكثر من عامين، أن أخذ الغطاء النباتي بالظهور بكثافةٍ ملحوظة، ما يــُبَشِّر بتحويل أراضي المحمية لتصبح منتجة زراعياً ورعوياً في غضون السنوات القليلة القادمة.
ومما لا شكَّ فيه أنَّ إقامة هذه المحميات الطبيعية من قبل الجهات المعنية في سورية، ولا سيما وزارة الدولة لشؤون البيئة ووزارة الزراعة والهيئة العامة لإدارة وتنمية البادية والإدارات المحلية، يـُعَدُّ خطوةً متقدمة للمحافظة على التنوع الحيوي وحماية المصادر النباتية والحيوانية، بما يعود بالنفع العميم على سكان المحميات بشكلٍ خاص، وكافة أفراد الشعب السوري بشكلٍ عام، وكلُّ ما يرجوه المواطنون السوريون ويتمنونه هو أن يستمر الاهتمام والعناية بهذه المحميات بشكلٍ دائم، ومتابعة تطورات تقنيات تنمية الموارد الطبيعية، ومن ثم تطبيقها، حتى يحقِّقوا لأجيالهم القادمة الخير الوفير، ويضمنوا لهم العيش الرغيد بمشيئة الله، فالبيئة كما كانت أمانة في أعناق أجيال الأمس، هي اليوم أمانة بين يدي جيل اليوم، ويتوجَّب عليهم تسليمها بأفضل حال وأنصع صورة لأجيال الغد.
المصدر : الباحثون العدد 67 كانون الثاني 2013