أدى الاستخدام الواسع لخام الزيوليت في الصناعة، والزراعة، والبيئة، إلى تزايد الاهتمام، لدى الباحثين، في معرفة الخصائص والتركيب الفلزي للزيوليت المتشكل في الصخور البركانية (ضمن الشقوق الصخرية وفي الفجوات الصخرية الدقيقة).
خام الزيوليت:
الزيوليت الطبيعي هو عبارة عن سيليكات ألومينية شيدت ضمن شبكة ثلاثية الأبعاد، مكونة من الجذر SiO4، الحاوية على أربع جزيئات مائية، وخصص لكل /4/ ذرات أكسجين أربع جزيئات مائية مجاورة. يمكننا تمثيل الصيغة العامة للزيوليت بـ: M2nO.Al2O3.XSiO2.YH2O، (M عبارة عن شاردة قلوية أو قلوية ترابية من التكافؤ n، وX رقم يتراوح بين 2 و10، و Y رقم يتراوح بين 2 و7). تتكون الشوارد الأساسية: من الصوديوم Na⁺، والبوتاسيوم K⁺، والمغنزيوم Mg⁺⁺، والكالسيوم Ca⁺⁺، والسترانسيوم Sr⁺⁺، والباريوم Ba⁺⁺. وتكون الرابطة التكافئية ضعيفة في البنية البلورية، مما يمكنها من تسهيل عملية التبادل الشاردي بعضها مع بعض.
يتصف خام الزيوليت بالخصائص التالية:
1. درجة إماهة عالية.
2. كثافة منخفضة وفراغ كبير الحجم عند نزع الماء منه.
3. ثبات البنية البلورية لأنواع عديدة من الزيوليت وخاصة عند نزع الماء منه.
4. شكل موحد لحجم القنوات الجزيئية في البلورات التي نزع منها الماء.
5. خصائص فيزيائية متنوعة، من أهمها الناقلية الكهربائية.
6. ادمصاص وامتزاز الغازات والأبخرة.
7. خاصة التبادل الشاردي.
8. الخصائص المحفزة (الوسيطة).
وتعتبر التصفية الجزئية خاصة أساسية للزيوليت، لأنها تدخل في البنية الداخلية لهذا الخام، وتتمكن الجزيئات المنتقاة، القيام بعملية الادمصاص، بالاعتماد على حجمها، وشكلها، وإن كافة أنواع الزيوليت قادرة على تصفية الجزيئات، وهذا لا يعنى أن كل من يصفي الجزيئات هو نوع من الزيوليت، إذ إن هناك العديد من العناصر والفلزات قادرة على التصفية، كالكربون والغضاريات ومسحوق أكسيد الألومينيوم والسيلكا الهلامية، والتي لا تدخل ضمن مجموعة الزيوليت.
في عام 1980 تم تحديد 40 نوعاً من الزيوليت اكتشفت في أزمنة مختلفة، ففي القرن الثامن عشر (أعوام ما بين 1756 و 1785) اكتشفت ستة أنواع (Stribite، Ntrobite، Chabazite، Harmotone، Analcime، Lamontite)، و/18/ نوعاً في القرن التاسع عشر (Thomsonite، Scolecite، Heulandite، Gmelinite، Mesolite، Gisomondine، Brewsterite، Epistipsite، Phillipsite، Levynite، Herschelite، Edingtonite، Faujasite، Mordenite، Clinoptilolite، Offretite، Erionite، Kehoeite، Gonnardite)، و/15/ نوعاً في القرن العشرين (Dachairdite، Stellerite، Ferrierite، Viseite، Yugawaralite، Wairakite، Bikitaite، Paulingite، Garronite، Mazzite، Barrerite، Cowlesite، Merlinoite، Svetlozarite، Amicite). إلا أن الأنواع الهامة اقتصادياً لا تتعدى /6-7/أنواع، هي:
Chabazite , Clinoptiliolite , Hedandite , Erionite , Mordenite , Phillipsite , Analcime
في البداية استخدم الزيوليت الصنعي، وقد اعتمد في صناعته على الأشعة السينية الانعراجية X-ray diffraction (برك 1862 Breck)، وتبيّن أنه من الصعب إنتاج أنواع عديدة من الزيوليت بهذه الطريقة، غير أن مخابر بارير عام 1951 تمكنت من تصنيع نوع من الزيوليت يدعى الأنالسيم Analcime لأول مرة بهذه الطريقة. وقد أفاد برك BrecK: بأن ميلتون Milton، ورفاقه في Union Carbide Corp طوروا طريقة تصنيع الزيوليت، وتمكنوا من صناعته بدرجات حرارة منخفضة (تنفذ هذه الطريقة على المركبات ذات التفاعل الرجعي وضمن نظام مغلق ودرجة حرارة مناسبة ونموذجية لعملية التبلور).
أول اكتشاف لخام الزيوليت الطبيعي، كان في عام 1950، ضمن التشكيلات الرسوبية المنتشرة في غربي الولايات المتحدة (Ames؛ Sands؛ Goldich؛ Mumpten). وتقدر كمية الزيوليت الطبيعي في الولايات المتحدة بـ/10/ تريليون طن، إلا أنها ما زالت تستخدم الزيوليت الصنعي بشكل أكبر في العمليات التجارية من الزيوليت الطبيعي لقلة الطلب عليه.
يتشكل خام الزيوليت الطبيعي في ست بنيات جيولوجية (بالاعتماد على Hay)، هي:
1. البحيرات الملحية والقلوية.
2. الترب الملحية والقلوية وسطح التربة.
3. رسوبيات قاع البحار.
4. المياه الراشحة في نظام هيدرولوجي مفتوح.
5. التغيرات الهيدروترمالية.
6. مواقع الصخور الاستحالية.
وأضاف إليها ايجيما Iijima بنيتين جيولوجيتين، هما:
1. الزيوليت المغماتي.
2. الزيوليت المتشكل في البركانية المتراصة.
خام الزيوليت في سورية:
خلال أعمال المسح الجيولوجي الإقليمي، مقياس 150000 في المنطقة الجنوبية الشرقية، عام 1997، تم اكتشاف ثلاثة مواقع هامة، لخام الزيوليت الطبيعي في سورية، هي: (منطقة جبل السيس I، منطقة تل نجار II، منطقة المكيحلات III)، والتي تبعد عن مدينة دمشق، مسافة تتراوح بين 170 - 220 كم (المصور رقم1).
أنجزت المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية دراسة تنقيبية متكاملة لهذا الخام، في المواقع الثلاثة، وقدر مجمل الاحتياطي لخام الزيوليت /562/ مليون طن، من الدرجة B و C1, (أجريت تجارب صناعية بالتعاون مع هيئة الجيولوجيا في جمهورية جورجيا)، وبيّنت الدراسات الجيولوجية، أن تشكل الزيوليت تم ضمن بيئة بحيرة مالحة وقلوية، وبيئة هيدولوجية مغلقة (عمادي 1997). وأوضحت الدراسة الفلزية (Minaralogical Study) أن أنواع الزيوليت المتشكلة لهذه المواقع، هي: Phllisite، Chabazite، Merlinoite، Analcime (الشرع، تركماني، عمادي 2003).
المصور رقم1
تعود أقدم التوضعات الرسوبية في المنطقة الجنوبية الشرقية (رقعة سبع بيار) إلى عمر الباليوجين (الأيوسين الأوسط - والأعلى، والأوليغوسين), وعمر البركنة في منطقة جبل السيس إلى البلستوسين الأوسط βQ2, وفي تلال المكيحلات، وتل النجار، إلى البلستوسين الأسفل βQ1, وتنتشر البركنة الحديثة بشكل واسع في المنطقة, (Razvalyaev. et al , 1966) وتوضح الخريطة الجيولوجية لرقعة السبع بيار, مقياس1/200000 الوضع الجيولوجي ومواقع الزيوليت فيها (المصور رقم 2). إلا أن الدراسات التي قدمها الجيولوجي فاروق العمادي عام 2000(Imadi. F, 2000) أعادت عمر التوضعات البيروكلاستية الرسوبية (الطفيت), إلى القسم الأعلى من البليوسين (النيوجين)، فترة النشاطات البركانية الواسعة الانتشار، والتي ضربت منطقة جبل العرب والقسم الشمالي الغربي من نهوض الرطبة, أعقب هذا النشاط هدوء نسبي، ترافق بنشاط كبير لعمليات الحت، والتعرية، والنقل إلى مناطق بحيرية، تقع على منطقة التماس بين الصخور الرسوبية والصبات البازلتية, مما أنتج توضعات حطامية (بركانية - رسوبية) تدعى الطفيت تحوي فلزات من الزيوليت, ثم عاد النشاط البركاني في المنطقة خلال البلستوسين الأعلى والحديث مصور رقم 3).
المصور رقم2 المصور رقم3
تتألف التوضعات الحطامية (البيروكلاستية) البركانية- الرسوبية، من سويات متعددة جداً (المصور رقم4), يتراوح سماكة السوية/3-50/سم, وتتكون من مواد بيروكلاستية جزءٌ منها أصله من عقيدات فوق أساسية التركيب (Ultra basic noduler), مؤلفة من الأوليفين (فورستريت), الأورتوبيروكسين(انستاتيت), الأمقيبول, الكروم سبينيل,(Imadi , Turkmani 2000), والجزء الآخر من انسكابات بازلتية قديمة, مثل البلاجيوكلاز, الماغنيتيت, الزجاج البركاني, هذه المواد البيروكلاستية ضمن ملاط مؤلف من الغضاريات (الايلليت والمونتموريللويت)، والرمال الكوارتزية، وفلزات ثانوية أخرى (الكالسيت والارغونيت), إضافةً إلى فلزات الزيوليت, ويلاحظ وجود تدرج حجمي للفلزات الاندفاعية ضمن السوية الواحدة.
تقع منطقة جبل السيس على بعد 170 كم جنوب شرق مدينة دمشق، وهي أراضٍ مكونة من خبرات وتلال بازلتية وجبل السيس الذي يبلغ ارتفاعه عن سطح البحر /699/م. المنطقة وعرة عموماً، ومليئة بالصبات البازلتية. يقع مخروط مكحول البركاني في شمال المنطقة، ويبلغ ارتفاعه حوالي/749/م. مناخ المنطقة صحراوي ماطر شتاءً، وحار وجاف صيفاً ومعدل الأمطار قليل (100مم/عام). تخلو المنطقة من الأنهار الدائمة أو الموسمية أما الوديان فهي قليلة ويجاور المنطقة بعض المواقع المنخفضة التي تشكل الخبرات المائية شتاءً وتجف صيفاً.
المصور رقم4
السويات الحطامية (البروكلاستية) الحاملة لخام الزيوليت الطبيعي
في سورية
تُكون التشكيلات الحطامية جسم مخروط السيس، على شكل سويات ورائق طبقية متتالية تميل بزاوية/ 45°/ وفي الأطراف تكون الخبرات المحيطة بالمخروط شبه أفقية، سماكة هذه التشكيلات /80/م (المصور رقم 5 و6).
المصور رقم5 المصور رقم6
احتياطي الخام من الدرجة B /141/مليون طن والاحتياطي من الدرجة C1 /83/مليون طن. أما تلال المكيحلات الواقعة جنوب شرق مدينة دمشق على بعد /170/كم، هي أراضٍ سهلة منبسطة فيها مناطق مرتفعة قليلا يتراوح ارتفاعها (620-650) م فوق سطح البحر. تتكشف الطبقة الحاملة للخام في مخاريط مكيحلات على التلال؛ وقسم منها مغطى بالتوضعات البحيرية الحديثة Q4، ومكونة من سويات سماكتها /30-50/سم، أغلبها مواد حطامية بركانية منقولة أساسية التشكل "الفورستريت، والأورتوبيروكسين، والأمفيبول، والبلاجيوكلاز، وأحياناً رماد بركاني، مرتبطة بملاط من الغضاريات وخام الزيوليت" (المصور رقم7)، ويبلغ الاحتياطي في هذا الموقع /143/مليون طن من درجة B و/14/ مليون من درجة C1.
المصور رقم 7
يقع تل أم أذن ضمن رقعة تل النجار، جنوب شرق مدينة دمشق على بعد /220/كم. وتوجد التشكيلات الحطامية (البيروكلاستية) ضمن مجموعة مخاريط أم أذن والخبرات المحيطة بها. المنطقة منبسطة مع انحدار طفيف باتجاه الغرب والجنوب الغربي، وهي عبارة عن تشكيلات صخرية من لحقيات العصر الرابع، مؤلفة من السيلت الرملي الغضاري والبازلت، تحوي صخور الطفيت الحاوية على الزيوليت. بلغ احتياطي خام الزيوليت /261/ مليون طن من الدرجة C1.
وقد بيّنت نتائج الدراسات المختلفة التي أجريت في مخابر وزارة الزراعة السورية، ومخابر جورجيا، على إمكانية استخدام خام الزيوليت السوري، دون فصل، وتركيز، في المجالات التالية:
- استصلاح الأراضي المالحة: تخسر الأراضي الزراعة سنوياً مساحات هامة، بسبب التملح في مناطق وادي الفرات، والجزيرة، بسبب وجود الجص والانهدريت, ويمكن أن تساهم خامات الزيوليت في تخفيف ملوحة التربة.
- استخدام الزيوليت كسماد طبيعي في بعض الزراعات وخاصة الزراعات المحمية، والخلطات العلفية، وتنظيف حظائر المواشي.
- تجفيف الغاز الطبيعي (أثناء نقله)، وتنقيته من الأمونيا.
- استخدامه كمادة مالئة في صناعة المنظفات ،وصناعة الزجاج، والخزف والبورسلان.
- تساعد في تحسين مواصفات التربة, وتنقية المياه المالحة من المركبات العضوية والشوارد المعدنية, وصناعة البلاستيك, وغيرها...
المراجع References
1. CLIFTON , R , A , ( 1987 ) Natural and Synthetic Zeolites United States Department of the Interior , Bureau of Mines information circular IC 9140
2. RAZVALYAEV , A . V ,PONIKAROV . V . P , 1966 Explanatory Notes of Geological Map of Syria , Scale 1: 200000 , Sheet I - 37 - VIII ( Saba Abar )
3. SHARKOV , E , V . GHERNYSHEV , V , V . and DEVYTKIN , Y , V . 1993 .
Geochronology of plateau - basalts of Syria and the relationship with sedimentary complexes ,in stratigraphy: Geological corlations in prees (in Russian).
3.TURKMANI , A . A . FAKYANI . F .1996 Volcanism of Syria ( Souft west plateau IGCP 343 1996 A14 - Damascus
4.الشرع، تركماني، عمادي 2003: توضعات الزيوليت في سورية.
5. حامد.ص. وآخرون 2000: التقرير الفني لأعمال التنقيب الجيولوجي عن توضعات الزيوليت في منطقة أم أذن.(تقرير داخلي)
6. حامد. ص. وآخرون2001: التقرير الفني التفصيلي لأعمال التنقيب الجيولوجي عن توضعات الزيوليت في منطقة تلول مكيحلات. (تقرير داخلي).
7. داود. ر. وآخرون1997: التقرير الفني لأعمال التنقيب عن توضعات الزيوليت في منطقة مكحول ومكيحلات والسيس. (تقرير داخلي).
8. داود. ر. وآخرون1999:التقرير الفني لأعمال التنقيب الجيولوجي عن توضعات الزيوليت في منطقة السيس. (تقرير داخلي).
9.دليل الخامات المعدنية واللامعدنية في الجمهورية العربية السورية الصادر عن المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية عام 2008.
10. عمادي. ف. 1998: التوضعات البيروكلاستية الرسوبية في المنطقة الجنوبية الشرقية من سورية وحامليتها للفلزات الاقتصادية (الزيوليت الرمال الاوليفينية).
11. عمادي. ف. 2003: الخارطة الجيولوجية والمذكرة الإيضاحية لرقعة السيس مقياس 1/50 ألف (مديرية المسح والدراسات الجيولوجية).
12.غيبة. ع. وآخرون: بعض التطبيقات الزراعية لزيوليت البادية السورية. وزارة الزراعة, مديرية الأراضي.
ملاحظة: المصورات أخذت من أعمال الجيولوجي فاروق العمادي.
monzernadour@gmail.com
المصدر : الباحثون العدد 71 أيار 2013