الجولان عبر التاريخ لم يكن على الهامش، فمنذ الألف الثالث ق. م وحتى اليوم كان يرافق الإمبراطوريات والممالك والدول، مفتاحاً لسورية في الجنوب ولفلسطين في الشمال ومعبراً استراتيجياً للحضارات والأقوام التي تعاقبت ومرت بين سكان المنطقة غازية أو معتدية.
كما أثر موقع الجولان على مفترق عدة طرق بشكل واضح على تاريخه كما أثر على جغرافيته، فقد كان إقليم الجولان مفترقاً للطرق وممراً للعبور إلى كل الجهات، فمن هذه الطرق مرت جيوش الفراعنة المصريين وملوك آشور وبابل وفارس واليونان، وجيوش العرب المسلمين.
وأقدم الوثائق التاريخية التي تشير إلى إقليم الجولان فهي مراسلات تل العمارنة (1) في مصر والتي تعود إلى القرن الرابع عشر.
كما أشارت المصادر الفرعونية أيضاً إلى أن منطقة الجولان كانت جزءاً من الدولة الآمورية التي تأسست عام 2250 ق. م، وأن جبل حرمون كان مقدساً عندهم، وفي القرن الثامن عشر ق. م جاء الآراميون إلى جنوب سورية واتخذوا من مدينة دمشق عاصمة لهم وسكنوا حوران والجولان وجنوب سورية وأقاموا ممالك عديدة منها مملكة (جشور) التي امتدت من دمشق إلى اليرموك، واستطاع ملك دمشق (آرام بن حدد الأول) أن يسيطر على دمشق وأراضي الجولان وحوران حتى حدود فلسطين حوالي 879 ق. م.
وعندما هاجم الآشوريون مملكة دمشق واحتلوها وقضى (سرجون الثاني) (722 - 705 ق.م) على الوجود الآرامي في جنوب سورية أصبح الجولان جزءاً من الإمبراطورية الآشورية.
ثم دخل الجولان تحت سيطرة الدولة الكلدانية ثم تمت سيطرة الإمبراطورية الفارسية وجاء بعد ذلك الإسكندر المقدوني الذي سيطر على الشرق وبعد وفاته في مدينة (بابل) سنة 323 ق. م انقسمت مملكته إلى قسمين: السلوقيين في الشرق والبطالمة في مصر، وحكم السلوقيون سورية من سنة 312 حتى سنة 64 ق. م وكان للسلوقيين مراكز كثيرة في الجولان غير أن المركز الوحيد الذي بقي محتفظاً باسمهم هو قرية (سلوقية) في القطاع الأوسط من الجولان، وفي سنة 106 م أصبحت الجولان منطقة من الولاية العربية التي تشكلت في عهد الإمبراطورية الرومانية فيذكر التاريخ الغساسنة الذين قاموا بإدارة المنطقة، وأصبحوا حلفاء للبيزنطيين.
وبقي الأمر على حاله حتى دخلت القوات العربية الإسلامية سورية سنة 636 م فشهدت أرض الجولان معركة اليرموك التي انتصر فيها العرب على الروم البيزنطيين، ثم قام الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بزيارة قرية (الجابية) (2) في السنة السابعة عشرة للهجرة وهناك التقى بالأمراء المسلمين في الشام قبل أن يتوجه إلى القدس، وفي الجابية ترأس أمير المؤمنين المؤتمر الذي تقرر فيه بالإجماع ترك الأراضي الزراعية بأيدي المنتفعين بها.
وكان الجولان في العهد الأموي مركزاً لتموين دمشق، وبقي الأمر مستقراً في العهد العباسي حتى تعرضت بلاد الشام للحروب الصليبية بدءاً من عام 1147 م التي تمكنت من احتلال بعض أجزائها إلى أن تمكن القائد صلاح الدين الأيوبي من تحريرها قبيل معركة (حطين) 1187 م ليصار إلى تحويلها مجدداً إلى موقع استراتيجي لإمداد الجيوش العربية في الحرب نظراً لموقعها الهام في الدفاع عن دمشق ولبنان وفلسطين والأردن.
ثم تعرضت هضبة الجولان كغيرها من أراضي بلاد الشام للاحتلال العثماني حتى عام 1918 م حيث وقعت سورية تحت الاحتلال الفرنسي عام 1920 م بعد الحكم العربي الذي استمر عامين، وبعد استقلال سورية تعرضت هضبة الجولان للاحتلال الإسرائيلي عام 1967 م وتدمير عاصمة الجولان وهي مدينة القنيطرة بالإضافة إلى أكثر من 170 قرية ومزرعة مأهولة.
وأثبتت التنقيبات الأثرية التي قامت بها سلطات الاحتلال الإسرائيلية في الجولان أن الإنسان قد سكن الجولان منذ القدم، ونحت من صخور المرتفعات تمثالاً صغيراً قبل نحو 250 ألف سنة، وتم العثور عليه قبل عقدين من الزمن، وبعد العثور على هذا التمثال استمرت الدراسة والأبحاث عليه مدة عشرين سنة أيضاً.
وتبدو الصخرة التي اكتشفتها المنقبة الإسرائيلية عن الآثار، (نا أما غولين – إثبار) والمعروضة الآن في متحف الأثريات الإسرائيلي بالقدس الغربية، وكأنها تمثال نصفي بلا كتفين لامرأة بارزة الصدر واتضح بعد فحصه طوال سنوات بمجهر إلكتروني أن الناحت أحدث فيه فتحتين عند الكتفين لإدخال صخرتين تشيران إلى الذراعين، وقد يكون فشل في مهمته، أو أنه نجح، ثم سقطت الذراعان فيما بعد، طبقاً لما يؤكده كاتبا التحقيق، (فرانسيسكو ديريكو)، وهو عالم حفريات ناشط في المعهد الوطني الفرنسي للعلوم، و( أبريل نوويل) عالم الحفريات الصخرية في جامعة فيكتوريا بكندا. وكان العالمان قد زارا المنطقة التي تم العثور فيها على الصخرة المنحوتة بهضبة الجولان المحتلة.
ويوجد في الجولان مواقع أثرية كثيرة تخبر عن تعمير البشر لأرض الجولان منذ العصور الحجرية وحتى اليوم، وهذا الثراء والغنى الحضاري للجولان يعود لموقعه المتميز كممر إجباري وعقدة مواصلات مهمة، بالإضافة إلى التنوع الطبيعي والمناخي والزراعي مع وفرة الأمطار وخصوبة التربة وامتداد المراعي والمروج، كل ذلك وفّر الأسس الصالحة للمياه وصاغ شروط الاستقرار بالجولان.
فمن خلال الدراسة والمسح الأثري الذي أجراه العالم الألماني (شوماخر) سنة 1880م تبيّن وجود 209 مواقع أثرية في الجولان وهي موزعة حسب العصور التاريخية كما يلي:
- خمسة عشر موقعاً أثرياً تعود لآثار العصور الحجرية.
- اثنا عشر موقعاً تعود لآثار عصري النحاس والبرونز القديم من 4000-2000 ق.م
- أربعة وعشرون موقعاً من عصر البرونز الوسيط 2000-1500 ق.م
- ستة مواقع أثرية من عصر البرونز الحديث 1500-1200 ق.م
- ثمانية وتسعون موقعاً من العصر الروماني والبيزنطي الممتد عبر حقبتين من الزمن من 100ق.م إلى 400م ومن 400م حتى 700م.
- اثنان وسبعون موقعاً من العهود الإسلامية من القرن السابع الميلادي حتى القرن التاسع عشر الميلادي.
وقد توالت أعمال التنقيب الأثري في مواقع متعددة من الجولان حتى عام 1967م عندما قامت إسرائيل باحتلال قسم كبير من هضبة الجولان. حيث قامت سلطات الاحتلال بعد ذلك بمسح واسع وشامل للمواقع الأثرية في الجولان المحتل، كما انبرى الآثاريون الإسرائيليون لتكريس احتلالهم ومواصلة اعتداءاتهم على الممتلكات الثقافية فيها غير عابئين بالاتفاقيات الدولية التي تحرم هذه الأعمال. فقامت هذه السلطات بأعمال التخريب والتنقيب في المنطقة المحتلة ملحقين بالآثار أضراراً جسيمة وما زالوا حتى يومنا هذا يقومون بذلك بغية تزييف حقائق التاريخ من أجل الوصول إلى ما يهدفون إليه وهو إثبات ما يدّعونه من حق تاريخي لهم في المنطقة، وأنها جزء من أرض الميعاد.
بالإضافة إلى ذلك نجد إنه ومنذ الأيام الأولى للاحتلال قيام هذه السلطات بنهب ما تحتويه المواقع الأثرية، وكذلك القرى وخير مثال على ذلك ما حدث في قرية (بيدروس) وقرية (دير الراهب) في القطاع الأوسط حيث أقدمت سلطات الاحتلال بعد اليوم السادس للاحتلال بقلب المدينة بالبلدوزرات والحفارات الآلية أمام أعين المواطنين السوريين الذين لم ينزحوا عنها، وبعد عشرة أيام من السلب والنهب المنظم للقرية الأثرية حُمِّلت السيارات باللقى الثمينة وبعض الصناديق المعدنية النفيسة من ذهب وفضة إلى عشرات الشاحنات التي كانت تنقل الأحجار البازلتية الضخمة المرصعة بالنقوش والرسوم البديعة ذات الأشكال الحيوانية والنباتية التي تعود لعهود الرومان والعرب المسلمين.
ثم توالت بعد ذلك أعمال التنقيب في عدة قرى، وخاصة في قرى خسفين، وبانياس، فكشفت عن عدة مواقع تعود للعهدين الروماني والبيزنطي، كما عثرت على كنوز ثمينة، تم نقلها إلى المتاحف الإسرائيلية، هذا وقد صدرت أبحاث جزئية في مجلات العاديات.
وعندما عُقد مؤتمر للآثار والتراث في الوطن العربي في مدينة دمشق عام 1999 م، فقد صدرت مذكرة تفضح الممارسات الإسرائيلية في الجولان المحتل من أعمال التنقيب ونهب الآثار. حيث أكدت المذكرة (أ) أن أعمال التنقيب التي تقوم بها سلطات الاحتلال تنطلق من مرتكزات عنصرية وتوراتية لا أساس لها من الصحة ولا تمت بموضوعية إلى علم الآثار ومن هذه المنطلقات:
- نظريات سياسية عنصرية توسعية وأفكار توراتية تعطي اليهود حقاً مزعوماً إذ تربط الجولان بالتوراة.
- التركيز على فكرة وجود الإسرائيليين في الجولان وخاصة في فترة الألف الأول ق.م حيث أنهم يعتبرونه عصر الممالك اليهودية المزعومة.
كما عَددت المذكرة الممارسات العدوانية الإسرائيلية في الجولان وقد تمثلت بالأعمال والإجراءات التالية:
- هدم الجيش الإسرائيلي بعد عدوان 5 حزيران 1967 م وأثناء حرب تشرين 1973 م أغلب قرى الجولان وإزالة طابعها الأثري والتقليدي واستخدام حجارتها البازلتية في أعمال التحصينات الحربية.
- نقل ما تم العثور عليه من خلال أعمال المسح والتنقيب في مواقع عديدة في الجولان إلى المتاحف الإسرائيلية.
وقد شاركت في العدوان على آثار الجولان جهات إسرائيلية وأجنبية عديدة أبرزها:
- الجيش الإسرائيلي.
- وزارة العلوم والآداب.
- مؤسسة التذكير بالحضارة اليهودية – نيويورك.
- معهد أبحاث الجولان – إسرائيل.
- جامعة بار ايلان.
- المجلس الأعلى للأبحاث والتطوير في إسرائيل.
- مدرسة نيلسون غلول للآثار التوراتية – كلية الاتحاد العبري.
- صندوق استكشاف فلسطين بلندن.
- صندوق ليوناردو كاثارينا وولي – ميرويل – أكسفورد.
- شركة تمس وهدسون.
- جامعة أثينا.
وقد تم نقل الكثير من القطع الأثرية التي يتم العثور عليها إلى المتاحف الإسرائيلية وإلى غيرها من المتاحف الأجنبية الأوروبية والأمريكية. وقد طالب المؤتمر من المنظمات الدولية ذات الصلة بالشأن الثقافي بذل مساعيها للتعرف على الآثار المسروقة وتحديد أماكن وجودها والتعاون مع تلك المنظمات لاستردادها.
وآخر المحاولات الإسرائيلية في الجولان المحتل هو إدراج موقع تل القاضي على قائمة التراث العالمي التي ترعاها اليونسكو التابعة للأمم المتحدة تحت مسمى جديد أطلقوا عليه اسم تل دان.
ونجحت سورية خلال انعقاد أعمال لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو في العاصمة برازيليا بحضور أعضاء اللجنة الممثلين عن 21 دولة وعدد كبير من الخبراء والمختصين وممثلي الوفود العربية والأجنبية بإحباط محاولة وفد الاحتلال الإسرائيلي الذي ضم عشرة خبراء حملوا للجنة خرائط مزورة ووثائق غير معترف بها بهدف إدراج الموقع على قائمة التراث العالمي تحت مسمى جديد).( صحيفة الثورة العدد 14293 / 9 آب 2010 م)
( وكانت قبل ذلك محاولة إسرائيلية لضم هذا الموقع الأثري إلى مواقعها الأثرية، تماماً كما فعلت مع ستة مواقع فلسطينية.. ولكن حضور كل من الأردن ومصر والمغرب وتونس والبحرين حال دون الموافقة على طلب إسرائيل المدعومة أميركا.
فكان رد مندوب إسرائيل: "لقد صبرنا 1800 عام.. فليكن عاماً آخر من الانتظار".
على خلفية هذا النزاع ولغياب مندوب سورية عن الاجتماع أبرق السفير السوري في كندا إلى وزير الخارجية وليد المعلم الذي حولها بدوره إلى وزير الثقافة الذي قال: "لابد من التحضير ما أمكن لإحباط محاولة تسجيل الموقع من قِبل إسرائيل، ولاسيما وأنها مصرّة على تسجيله إرثاً إسرائيلياً عالمياً في الاجتماع الدوري القادم لليونسكو".
كل ذلك ووزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار والمتاحف هما آخر من يعلم رغم عشرات الجولات التي قامت بها إدارتها برفقة قطع أثرية سورية تجول العالم.)
( تجارة وأعمال مجلة قانونية واقتصادية شهرية العدد الثامن - تشرين أول 2008 م)
وبذلك نجد أن سرقة الآثار من قبل سلطات الاحتلال سواء في الجولان هو أمر طبيعي بالنسبة لها حيث أقدمت هذه السلطات على سرقة تراب الجولان ونقلة إلى إسرائيل وكذلك سرقة المياه من الجولان ونقلها إلى شمال إسرائيل، حتى أن أزهار الجولان لم تنجُ من ذلك حيث ذُكر أن إسرائيل تصدر سنوياً إلى الأسواق الأوروبية بما يعادل 20 مليون دولار.
أهم الآثار في هضبة الجولان:
1 - آثار بانياس:
تقع بانياس أسفل جبل الشيخ الذي يحتضنها، ويبلغ ارتفاعها 320 م، ويذكر أن معظم بيوتها الحالية مأخوذة من حجارة الأبنية القديمة.
تدعى (بانياس الحولة) تمييزاً لها عن بانياس اللاذقية، كما أنها سميت المدينة العظيمة، و(مدينة الله) حسب تفسير (فلافيوس يوسيفوس) في القرن الأول الميلادي.
وبانياس اسم أخذته المدينة لموقعها قرب المعبد المسمى (بانيوم) عند المغارة التي تعلو نهر الأردن، والمكرس لعبادة إله اليونان (ربان) الإله الراعي، أي إله المواشي الذي كان يمارس الصيد أيضاً.
وقد عثر في مدينة بانياس على أبراجها القديمة ومدخلها الأثري وقواعد وتيجان الأعمدة المنوعة والأحجار المنحوتة ذات النقوش الجميلة وغيرها من البقايا التي يرجع بعضها إلى ما قبل الميلاد وفي غرب المدينة وجدت عدة مدافن إسلامية تعود إلى القرن الثاني عشر الميلادي كما نجد بمواجهة نبع بانياس واجهة أثرية ترجع إلى العهد الروماني، وتحت الأرض هناك دلائل لوجود مدينة قديمة وسطها مسجد قديم، وعلى طريق بانياس تمتد بقايا طريق مرصوفة بالحجارة ما تزال ظاهرة بوضوح رُصفت زمن اليونان في القرن الرابع الميلادي وعثر فيها كذلك على نقوش بديعة من الفسيفساء وفصوص وخواتم على بعضها صورة إلهة الصيد (ديانا) وعلى بعضها نقوش إسلامية من فترات متلاحقة.
ومن أشهر القطع الأثرية التي عثر عليها في بانياس تمثال نصفي رائع من البرونز لأميرة الجولان الحسناء تعود إلى القرن الأول الميلادي وهو معروض في المتحف الوطني بدمشق.
2 - قلعة الصبيبة (قلعة النمرود):
تقع قلعة الصبيبة في الجهة الشرقية من مدينة بانياس وتقوم فوق جبل شاهق يُعرف قديماً باسم (دان)، وتحتل القلعة موقعاً استراتيجياً يشرف على عدة طرق، أما تاريخ بنائها فيرجح أنه يعود إلى العهود الإسلامية في نهاية القرن الحادي عشر الميلادي، وعندما أخذها الصليبيون بنوا فيها بعض المباني ولكن أكثر التصاميم والتحصينات والمباني عربية تشهد بذلك الآثار والكتابات الماثلة حتى الآن.
والقلعة رائعة المنظر، بديعة الهندسة والتصميم أكبر عرض فيها لا يزيد على 30 م وطولها 55 م رفيعة في وسطها وعريضة في طرفيها، وقد سقطت بيد الصليبيين حيث جددوا بناءها، ثم استعادها الإسماعيليون ثم احتلها الصليبيون مرة ثانية سنة 1260 م، وسقطت بيد (الظاهر بيبرس) سنة 1266 م فأنشأ لجامعها منارة وبنى فيها داراً لنائب السلطنة وأقام جسراً يمر عليه إلى القلعة، فعاد المغول واشتبكوا مع سلاطين مصر المماليك فهُزم المغول سنة 1303 م، ثم أُهملت حتى سكن فيها الأمير إسماعيل ابن الأمير نجم الشهابي حاكم (حاصبيا) زمن آل معين فعمرها وأقام فيها حتى حوصر بها من قِبل والي دمشق العثماني (صادق باشا الكرجي) فسلمه إياها حيث نهبها وأمر بهدمها.
3 - آثار الحمة السورية:
موقع أثري وسياحي وتعد الحمة المشتى الأول لسورية حيث كان يؤمّها قبل الاحتلال الآلاف من المستحمين في فصل الشتاء وتكتظ في الأعياد والعطل الأسبوعية، والحمة تقع في منطقة (الزّوية) "فيق"، في أقصى الحدود السورية الأردنية إلى الجنوب الغربي من سورية، تقع على الضفة اليمنى لنهر اليرموك، شمالي قرية (أم قيس) الأردنية.
وتشكل منطقة الحمة بداية الفج أو الغور المتشكل من اخساف طولاني يمتد حتى نهاية البحر الميت، وتبلغ مساحة منطقة الحمة 5400 دونم (الدونم 1000 م2) تقسم أراضيها إلى ثلاثة أقسام: منطقة سياحية مساحتها 700 دونم، ومنطقة زراعية مساحتها 4500 دونم، ومنطقة سكنية مساحتها 200 دونم، وتنخفض الحمة عن مستوى سطح البحر 176 م، تبعد عن مدينة دمشق مسافة 135 كم في طريق يعبر مدينة القنيطرة. ويوجد فيها ثلاثة ينابيع حارة تعطي ما يقارب من 15 مليون جالون من المياه المعدنية يومياً وهي ينابيع (البلسم - الريح - المقلى) وتتفاوت درجات الحرارة من ينبوع إلى لآخر كما تتفاوت نسبة الأملاح المعدنية والكبريت فيها مما جعلها صالحة لشفاء عشرات الأمراض (الجلدية - الروماتيزم - النقرس وغيرها).
وفي الحمة عدة شواهد أثرية تدل على قِدم المنطقة؛ ففيها مجموعة من القناطر والعقود الضخمة إلى جانب نبع المقلى وهي أطلال حمام شُيد زمن الرومان وقد بُني الحمام بالحجر البازلتي الأسود الذي يملأ الجولان وحوران، وهناك تل يتوسط منطقة الحمة يوجد على سفحه مدرج جميل بُني زمن الرومان قطره 26 م ويتجه نحو الشرق وقد حُفظت منه إحدى عشرة درجة من الحجر الأسود على ثلثي دائرة يمكن أن تستوعب 1500 متفرج ومن مزاياه الهندسية أن الجالسين يتجهون إلى الشمال فلا يواجهون الشمس في الصباح وبعد الظهر تكون الشمس وراءهم وبذلك يمكن الجلوس في المدرج قبل الظهر وبعده دون أي مضايقة بأشعة الشمس أما المنصة فلم يبق منها إلا بقايا خمسة أمتار ومن مميزات هذا المسرح وجود جدران على الطرفين تمنع توسع المدرج.
4 - آثار خسفين:
قرية في مركز منطقة الزّوية (فيق)، شمال شرقي فيق، فالطريق الآتية من القدس أو طبريا تمر بفيق وتفترق في خسفين لتصل إلى دمشق شمالاً أو مروراً بقرية (نوى) إلى الشرق على جسر الرقاد. ولد فيها القديس (مكسيموس الحكيم) الجولاني الشهير (580 - 662 م). وعثر فيها على مدافن كثيرة تعود إلى العصر الروماني والبيزنطي، كما عثر فيها على كنيسة بيزنطية تعود للقرن الخامس الميلادي.
5 - آثار العال:
قرية في مركز منطقة الزّوية (فيق)، وهي تحتل موقع استراتيجي هام على الطريق بين فيق - خسفين، تقدم الصليبيون منها سنة 1105م وشيدوا فيها حصناً لم يتمكنوا من الإبقاء عليه.
6 - آثار الرمثانية:
قرية في منطقة القنيطرة ناحية (الخشنية)، عثر فيها على بعض سواكف مع رسوم ورموز مسيحية وكتابات يونانية. كما تمتاز هذه القرية أيضاً بوفرة مبانيها الأثرية القديمة التي لاتزال قائمة بجدرانها وأبوابها ونوافذها.
7 - دير فيق:
يقع هذا الدير بين (فيق) وبحيرة طبريا، وكان آهلاً بالرهبان في أيام (ياقوت الحموي)، وكان المسافرون يحطون فيه قديماً.
هذه لمحة عن أهم المواقع الأثرية في الجولان، هذا بالإضافة إلى وجود كثير من الأطلال والأوابد التي توجد في عدة قرى أخرى مثل: العدنانية وزعورة والرفيد وسكوفيا والياقوصة والكرسي وغيرها.
وكل هذه الدراسات تمت قبل الاحتلال الإسرائيلي للجولان عام 1967م، فما إن تم الاحتلال الإسرائيلي للجولان حتى قام بتدمير كثير من المواقع الأثرية والقرى القديمة، ونهب ما تحتويه هذه المواقع والقرى كما مرّ معنا.
هوامش:
1- تل العمارنة: تل أثري يقع على الضقة الشرقية لنهر النيل، شمال محافظة أسيوط، عُثر فيه على نصوص مكتوبة بالخط المسماري وباللغة الأكادية اكتشفت صدفة سنة 1887 م، وهي عبارة عن رسائل متبادلة بين مصر في عهد ملكيها أمنحوتب الثالث وابنه أمنحوتب الرابع (أخناتون) في القرن 14 ق. م، مع حكام الممالك السورية.
2 - الجابية: تهدمت الجابية منذ زمن طويل، وكانت القرية قد بُنيت عند تل الجابية إلى الشرق من منخفض الرقاد – علان،
- كلمة الجابية تعني بلهجة البدو: المشرب. مورد الماء.
المصدر : الباحثون العدد 72 -73 حزيران وتموز 2013