* معالم حضارية تحتضن نفائس التحف والآثار الفنية الخالدة..
* رحلة طويلة من معابد الرومان واليونان إلى عواصم التراث الإنساني في الشرق والغرب..
صارت الدراسات المتشعبة التي تبحث موضوع المتاحف تشكّل عِلماً قائماً بذاته يُعرف بعلم المتاحف Museologic وهذا العلم يدرَّس في أرقى المتاحف العالمية كمتحف اللوفر في باريس، والمتحف البريطاني في لندن وغيرهما.. ونظراً للأهمية التي غدت للمتاحف أصبح لها لجنة دولية تعرف باسم «الايكوم ICOM» وهي مختصر للحروف الأولى باللغة الإنكليزية:
International Cuncil of Museums وباللغة الفرنسية Conseil international oles Museès، وتعمل اللجنة مع منظمة اليونسكو العالمية التابعة للأمم المتحدة في الأمور الثقافية.
وتُصدر عن هذه اللجنة الدولية مجلات وكتب ومؤلفات متخصصة أشرف عليها أبرز الخبراء المتخصصون بعلم الآثار والمتاحف، وتُعالج مختلف المواضيع المتعلقة بالمتاحف.
ولما كانت المتاحف العسكرية ذات أهمية بالغة أُنشئت لها لجنة دولية تابعة إلى منظمة الايكون تُعرف باسم (اليمام IAMAM) وهي مختصر للحروف الأولى INTERNATIONAL. ASSOCIATION OF Mussums of ARMS and MILITARY HISTORY.
تأسست اللجنة في 25 أيار 1957 واعترف بها من قبل المجلس الدولي للمتاحف (الايكوم) في 8 تموز 1959 كلجنة دولية لمتاحف الأسلحة والتاريخ العسكري آخذة بذلك الصفة العالمية، وانضمت سورية إلى الاتحاد وأصبح متحف دمشق الحربي عضواً في منظمة (اليمام) والمتاحف في القطر العربي السوري أعضاء في (الايكوم) ومدراؤها أعضاء دوليين فيها.
لمحة تاريخية:
«المتحف» في اللغة العربية اشتقّت من كلمة التحفة وهي الطرفة، وكذلك ما أتحفت به الإنسان من البر واللطف والجمع تُحف (بضم التاء) وأتحفه بالشيء أهداه إليه والتحفة الهدية والشيء الفاخر الثمين.
وفي الوقت الحاضر يُطلقون هذا اللفظ على كل أثر فني جميل ذي قيمة، كما يطلقونه على الفتاة الجميلة الرشيقة الساحرة.
والمتحف في اللغات القديمة كاليونانية (موزيوم) والحديثة كالفرنسية Musèe والإنكليزية Museum وغيرها من الألفاظ المشابهة.
مفهوم المتحف قديماً:
المتحف ليست كلمة جديدة لهذا المدلول، فالإغريق عرفوا كلمة Mouseiom وأُطلق على معبد في أثينا قرب الأكروبول على تل لربات الفنون التسع les Muses «التاريخ – الرقص – الشعر – الفلك – الرسم – النحت – الموسيقى – المسرح»... وإن العناية بجمع التحف بدأ إذن في العصور اليونانية.
وعندما أبدع الفنانون الإغريق أعمالهم حفظها الأثينيون في قاعة جميلة تشكل أحد أجنحة معبدهم، وفي العصر الروماني ظهرت فكرة المتحف بعد فتح الرومان لبلاد الإغريق، وسلبهم الروائع الفنية التي أبدعها فنانون إغريق في الرسم والنحت، فملأت هذه الروائع المعابد والشوارع والحدائق وظهر بائعو التحف القديمة في أحياء خاصة وقصور فريدة.
وقد لوحظ أن ما قام به قادة روما بسلب الروائع من البلاد، تكرّر عندما فتح الصليبيون القسطنطينية والإسبان أميركا ونابليون مصر وغيرها...
- كانت معابد اليونان والرومان والقصور أشبه بمتاحف لمجموعات نفيسة من الصور والتماثيل وسائر التحف، وكانت هذه المجموعات تُعرض على الجمهور ليتعرف إلى ما أبدعته القريحة الإنسانية واليد الفنية، وليتمتع بمشاهدتها، وفي شرق آسيا يعدّ أقدم متحف للآثار والعاديات متحف مدينة «تارا» في اليابان أُسس عام 765 وفيه كثير من نماذج المعادن والأخشاب والحشائش والأعشاب والقطع والأواني وهو من أعاجيب المتاحف.
- وأثناء الحروب الصليبية ازداد اهتمام الأوروبيين باقتناء التحف وجمعها وشملت هذه الهواية جمع المخطوطات والنقود القديمة والتماثيل، وكانوا يزينون قصورهم ويحتفظون بها في قاعات خاصة يفتخرون بفتح أبوابها لزائريهم.
- كذلك استولى الإسبان بعد عام 1492 على تحف باهرة من قصور ملوك العرب في الأندلس ومنها سيف أبي عبد الله الصغير آخر ملوك الأندلس وتحف نفيسة أخرى.
المتحف عند العرب:
لم يعرف العرب إبان ازدهار حضارتهم نظام المتاحف العام، ولكن الحكام والأمراء اهتموا بجمع التحف التي نُهبت خلال غارات التتر عليهم عام (656هـ - 1258م) واتّخذ الفاطميون حكام مصر مباني خاصة للتحف الثمينة فكانت عندهم دار للسلاح ودار للجواهر ودار للسروج ودار للطرائف.
وقد ذكر المقريزي في خططه أن دور السلاح كان من محتوياتها «ذو الفقار» سيف الإمام علي ابن أبي طالب كرّم الله وجه، وصمصامة عمرو بن معد يكرب، وسيف كافور الأخشيدي، وسيف المعز ودرع وسيف الحسين بن علي، ودرقة حمزة وسيف جعفر الصادق.
وفي الأندلس قام الخلفاء والأمراء وكذلك المماليك حكام مصر والشام بجمع التحف الرائعة وكانت قصور الأمراء أشبه بالمتاحف الخاصة والتي تغصّ بروائع التحف الفنية، مهدت هذه المجموعات فيما بعد لإنشاء المتاحف العامة.
المتحف في عصر النهضة:
جمع أمراء أوروبا في القرن الرابع عشر النفائس، وبدأ التنافس بينهم وأخذت أهميتها تحتل الصدارة في تفكيرهم، وأهم هذه المجموعات مجموعة أمراء (بورجوني) و(ميدتشي) والدوق (بيري) التي احتلت مكان الصدارة بين مجموعات الأمراء الغنية في أوروبا.
تألفت مجموعات ذلك الدوق من مخطوطات وحجارة كريمة وصور ملوك وأباطرة ورجال دين، فقد كان الدوق من أكبر الهواة ومُحبي الفن وجمع القطع الفنية تعبيراً عن هَوَسه بالبذخ والغنى وكان ينظر لمجموعاته كروائع فنية نادرة بالإضافة إلى قيمتها العادية والجمالية الكبيرة.
- ازدادت الرغبة في القرن الخامس عشر في اقتناء المجموعات الفنية الخاصة والحرص عليها، فأسرة ميدتشي بإيطاليا اقتنت أكبر المجموعات الفنية وأفخرها من اللوحات والقطع المعدنية والطنافس، كما بدأ الاهتمام بالمحافظة على القطع الفنية وترميم القطع القديمة.
- من أقدم المجموعات تعتبر مجموعة (فورزيتا) التي تعود إلى عام 1335 تقريباً، وهو ما أدى إلى اعتبار إيطاليا الموطن الأول الذي نشأ فيه المتحف.
وهكذا نرى دور المجموعات الفنية الخاصة الهام في ظهور المتاحف، والاهتمام بتشكيل هذه المجموعات الخاصة تعبير عن وظيفة الفن وعن خلوده، وبرهان على حرص الإنسان على الاحتفاظ بها وأدى هذا الشعور إلى الاهتمام بالفنان والاتصال به وتكريمه، فكثير من الملوك والأمراء أقاموا صلات متينة مع الفنانين وكان لكل منهم فنان مقرّب يؤثر بالرعاية والتقدير.
- تتّصف العصور الذهبية للفن بالإبداع والتجديد، وأما العصور العادية أو عصور الانحطاط فإنها تتّصف بالجمع ومن ثم بالتقليد.
تسجيل القطع الأثرية:
اقتصر التسجيل في البدء على القطع النفيسة الهامة والجديرة بالاقتناء، وهكذا نرى أن المجموعات الفنية الخاصة لعبت الدور الأول في تشكيل نواة المتاحف.
ولم يكن عرض هذه التحف كما هو اليوم يحظى بالاهتمام الكافي في حسن عرضها وإبراز الميزة الجمالية، وفي روما كانت مجموعة الباباوات من مظاهر الفخر لهذه المدينة، وبدأ مفهوم المتحف يتبلور وأصبح قريباً من مفهومنا الحالي، ففي عهد البابا (سيكست الرابع) أسس متحف «الكابيتول» وبدأت فكرة التصنيف بالظهور، كما سمح بزيارته للجمهور (واليوم لا يعتبر المكان «متحفاً» إذا لم يكن الدخول إليه مباحاً للجميع).
فكرة إنشاء متحف للعموم:
ترجع فكرة إنشاء متاحف يشاهدها الجمهور وينتفع بها في فرنسا إلى الكاتب الفرنسي (لافون دوسان ايتين) De saint iten الذي طالب سنة 1746 بجمع كنوز الفن المبعثرة والموجودة في القصور في مكان واحد لعرضها على الهواة والفنانين.
وفي عام 1750 أنشئ متحف في قسم من قصر اللكسمبورغ ضمّ صوراً تمثّل حياة (ماري ميدتشي) للفنان روبنس، ورفائيل بلغت 110 لوحات.
وجمع ملك فرنسا فرنسوا الأول في قصر (فونتنبلو) بعض أعمال الفنانين مما شكل فيما بعد نواة متحف اللوفر.
ومن أشهر المحبين للفن والتحف الوزير(كولبير) الذي اشترى بمبالغ كبيرة مجموعة الكاردينال مازاران في عهد لويس الرابع عشر، كما اقتنى عام 1671 مجموعات ملك إنكلترا شارل الأول.
وكان تطلّع (كولبير) أن تكون هذه المجموعات الفنية في خدمة الفنانين وتساعد الباحثين والطلاب في تذوّق جماليات الفنون، وإعداد الدراسات العلمية والفنية. وكان لهذا العمل الكبير صداه البعيد عند (لافون دوسان ايتين).
لقد أعدّ (كولبير) فعلاً صالة في قصر اللوفر مع سبع قاعات متجاورة فُتحت للجمهور، وأدى عدم اهتمام الملك لويس الخامس عشر بالفن إلى نقل 96 لوحة من قصر فرساي (والذي كان مقاماً محبباً له) إلى قصر اللوفر، وسُمح للجمهور بمشاهدتها.
وظهرت فكرة تربوية في ذلك العصر وهي ضرورة الاستفادة من المجموعات الفنية في تربية الذوق الفني عند الجمهور والفنانين.
المتاحف مؤسسات وطنية عامة:
جاءت الثورة الفرنسية عام 1789، ودعمت فكرة إنشاء المتاحف وتعميمها وإغنائها فأنشئ متحف اللوفر في 10 آب 1793 وصارت المتاحف مؤسسات حقيقية عامة.
وكان متحف اللوفر أول متحف وطني في أوروبا، وأغنى متحف بالآثار الفنية، إذ عُرضت فيه 500 لوحة من الآثار الفنية التي كانت تعود ملكيتها لأشخاص فقدوا وجودهم الشرعي كالملك والنبلاء، وكذلك صدرت قوانين تسمح بنقل الآثار من القصور الملكية إلى متحف اللوفر.
وفي النصف الأول من القرن التاسع عشر ازداد التنقيب عن الآثار بالحفريات الأثرية وبدأت تظهر روائع فنية قيّمة، وقد أسهم العالم «شامبليون» الفرنسي الذي رافق حملة «نابليون بونابرت» إلى مصر في إنشاء جناح خاص باللوفر للآثار المصرية وعُيّن محافظاً له، ثم خصص أجنحة أخرى للآثار الشرقية.
في بريطانيا:
أسهم العلماء والشعب الإنكليزي بتشكيل المجموعات الفنية، فقد كان الجمهور من أكثر الشعوب المهتمة بالمجموعات الفنية، وتجد سعادة في جمع التحف وحمايتها، ويُقال إن اللورد (ارونديل) أرسل وكلاء إلى آسيا وأوروبا لاقتناء كل ما يزيد في قيمة مجموعته الفنية. كان الجمهور البريطاني يطمح إلى مؤسسة بعيدة عن الروح المدرسية وإثر قيام جامعة أكسفورد تمّ بناء جناح خاص فيها يضم مجموعات فنية باهرة.
ونزولاً عند هذه الرغبة تأسس المتحف البريطاني في عام1751 من عدة مجموعات ومكتبة (الكونت أكسفورد)، ويعتبر المتحف البريطاني باحتفاظه بطابعه القديم مؤسسة علمية عظيمة تضم مكتبة ومجموعات أثرية ومحفوظات هامة.
في إسبانيا:
تأسس متحف برادو عام 1785، وزوّده الملك بالمقتنيات الفنية، ويُعد اليوم من أهم المتاحف في العالم بما يشتمل عليه من روائع فنية وآثار ومصنّفات.
في شمال أوروبا:
اهتمّت بعض الشعوب بتراثها الشعبي الأصيل وتقاليدها الحياتية، فازدهرت متاحف (الفولكلور) لحنين هذه الشعوب إلى الماضي، وتأثير المدنية الحديثة وتطوراتها، وأثرها في حياة الشعوب الاجتماعية.
فالدانمارك اهتمّت بحضارة بلادها وأسست متحف بلاد الشمال، وعرضت فيه نماذج من حياة المزارعين والطواحين والمساكن الخشبية التي تعتبر اليوم من أرقى أماكن السياحة وكذلك الكنائس، وقد نال هذا المتحف شهرة بين الجماهير لما تميّز به من تعبير عن الحياة الشعبية.
وفي روسيا:
كانت «الملكة كاترين» هاوية تحف فنية فاقتنت كل ما وصل إليها من آثار فنية، كما أن القيصر اسكندر الأول أولى رعايته للمتاحف، ويعتبر متحف الأرمتاج أكبر متحف في أوروبا وقد فتح عام 1852 في عهده وبناءً لتوجيهاته.
ثمّ جاءت الثورة البلشفية فحافظت على كل ما خلّفه القياصرة والأمراء وحولت قصورهم إلى متاحف، وفي إحصاء عام 1936 بلغ عدد المتاحف الروسية 693 متحفاً وصلت الآن إلى نحو 1000 متحف مما يدل على الاهتمام البالغ بالمتاحف بمختلف تخصصاتها: علمية – ثقافية – تاريخية – فنية إضافة إلى مساكن عظماء الفكر والفن التي تحوّلت إلى متاحف يزورها الجمهور مجاناً لزيادة معرفتهم واطلاعهم وتنمية الذوق الفني والثقافة التاريخية والوطنية، فهناك متاحف خاصة بالثورة البلشفية ولينين ومتحف الجيش السوفييتي وكلها موضوعة في خدمة تثقيف الشعب، وزيادة الوعي بالتاريخ الوطني.
في سورية:
إحداث المديرية العامة للآثار:
كان علم الآثار في مطلع القرن العشرين علماً حديثاً بالنسبة لسورية، إذ لم يُول الأتراك ولا العرب اهتماماً واضحاً بدراسة الآثار لهدف علمي، ولم يوجد في سورية غير عدد قليل من الهواة الذين يقدّرون بشكل صحيح نسبياً القيمة الفنية للآثار، وكانت حتى هواية جمع المجموعات الفنية نادرة ناهيك عن العناية بالآثار.
وفي أوائل الثلاثينات من القرن العشرين تنبه المثقفون لهذا الموضوع الهام وأكدوا أنه إذا لم تراقب الآثار بدّقة واهتمام كبير، ستصبح نوعاً من الاستثمار الخطر على كنوز البلاد، ذلك أن البيوت والقصور والمساجد والأضرحة كانت عرضة للنهب، إلى حد أن كل شيء كان يحمل السمة الفنية ومن شأنه أن يعطى قيمة تجارية مهما تكن مصادرها، لن تتأخر عن سلوك الطريق إلى أوروبا، وحتى الأشياء التراثية الخاصة التي يملكها الناس تخلوا عنها أمام العروض السخيّة.
لذلك تنبّّه الغيورون إلى خطر هذا المصير لكنوزنا، وهي شواهد على روعة التطور الفني للحضارة السورية العربية. بدأ التفكير جديّاً بأهمية حماية آثار سورية وأوابدها التاريخية.
- في عام 1919 قررت دولة سورية في عهد الأمير فيصل بن الحسين إنشاء المتحف الوطني بدمشق، ولتحقيق ذلك أسندت مهمة تأسيس المتحف إلى المجمع العلمي العربي بدمشق الذي كان يرأسه العلاّمة محمد كرد علي صاحب فكرة إنشاء المجمع العلمي والمتحف الوطني.
أخذ العلاّمة على عاتقه هذه المهمة بحماس واتّخذ مقراً له في المدرسة العادلية مع المجمع العلمي، في البناء العائد إلى القرن الثاني عشر وتعود ملكيته إلى الأوقاف، وفي هذا البناء خصّصت بداية قاعة واحدة للمتحف.
- من الجدير بالاعتزاز أن هذا الموقع الذي اختير لهذه المؤسسة كان ملائماً تماماً، فالمدرسة العادلية مَعلَم راقٍ من تراث الأجداد يعود إلى عدّة قرون، وقد استُخدمت المدرسة منذ نشأتها لأهداف تليق بها وبماضيها الرائع. قام ببنائها السلطان العادل نور الدين محمود بن زنكي في منتصف القرن الثاني عشر ليحل فيها الإمام قطب الدين النيسبوري. وتابع البناء الملك العادل أبو بكر بن أيوب ولم يتم إلا في عهد ولده الملك المعظّم موسى، وهو الذي أنهى العمل سنة 618هـ - 1222م وضمّت المدرسة إلى ضريح الملك العادل والده.
ومنذ ذلك التاريخ أصبحت أهم مدرسة لأحد أئمة المذاهب الأربعة (الشافعية) وكان يقصدها العلماء المشهورين من القرن الثالث عشر حتى القرن التاسع عشر، وخلال تلك الفترة ألّف المقدسي تاريخه (الروضتين في أكبر الدولتين).
وانطلق من هذه المدرسة صوت «جلال الدين القزويني» الخطيب المشهور في دمشق، كذلك كان الفقيه ابن مالك النحوي يقف في مدخل هذه المدرسة ليدعو المارة بعبارته الشهيرة: «ألا يوجد بينكم من يريد أن يتعلم، ألا يوجد من يريد أن يتعرّف على الحقيقة؟»
- أقام في المدرسة في القرن التاسع الهجري المؤرخ والفيلسوف العربي ابن خلدون وفي هذا المعلم الجليل الحافل بشواهد العلم والعلماء والعظماء جُمعت القطع الأثرية المبعثرة منذ العهد التركي في عدد من المنشآت الرسمية وتمّ الحصول عليها إما بطريقة الاكتشاف العفوي أو التي صودرت نتيجة الحفريات السرية، والتي كانت تُرحَّل إلى متاحف القسطنطينية. وإلى هذه النواة أضيفت الهدايا والمشتريات من الآثار والمقتنيات التاريخية المتنوعة.
- عند تأسيس المتحف اكتُفي بقاعة واحدة لتضم أول هذه المجموعات، وفي عام 1931 أصبحت أربع قاعات غير قاعات المجمع العلمي العربي، وعندها ضاق المكان وأصبحت قضية المكان هي المشكلة المطروحة في مطلع الثلاثينات.
ارتبط المتحف أولاً بالمجمع العلمي المرتبط بدوره بالجامعة السورية، وفي 8 أيار 1928 صدر القانون رقم 136 وفيه تحدد نظام المتاحف في سورية، وتتمتع هذه المتاحف ومنها المتحف الوطني بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي.
وهذا النظام أعطى المتحف حرية التحرّر وسهّل له أسباب النمو والتطور والاتّساع وخصّصت له الاعتمادات اللازمة، وهكذا أصبح لسورية دار آثار تُباهي بها سائر الأمم كما تستهوي الهواة وتجتذب عشرات الألوف من السياح كل عام.
إن بلاد الشام مليئة بالآثار والمدن القديمة المندثرة، وبنتيجة الحفريات في حوض الفرات والصحراء والساحل، تمّ الحصول على كنوز أثرية هامة، كان لا بد من بناء متحف وطني يليق بعاصمة الأمويين والأيوبيين درّة بلاد الشام. وهكذا جرى بناء متحف جديد على عدة مراحل، بُدئ ببناء القسم الأول عام 1936 ووضعت به الآثار المكتشفة في تدمر وفي (دورا أوربوس) وماري في عام 1939، وفي عام 1950 بُدئ بإعادة بناء واجهة قصر الحير الغربي الأموي.
وفي عام 1953 – لعام 1957 تمّ بناء القسم الأكبر من المتحف الوطني.
المصادر:
* المتاحف – محمد بشير زهدي – دار الفكر بدمشق 1998.
* علم المتاحف والمعارض – د. عفيف البهنسي – دار الشرق دمشق 2004.
* سورية التاريخ والحضارة – د. عفيف البهنسي – وزارة السياحة 2001.
المصدر : الباحثون العدد 72 -73 حزيران وتموز 2013