بقلم : إيفلين المصطفى
مكّنت الثورة الاقتصادية العديد من الناس من تكوين ثروات عبر وسائل مختلفة من الاستثمارات وإن كنا تحدثنا سابقاً عن أحد الثورات المطالبة بالحرية المالية والتي من بينها الاستثمار بالأسهم فإننا في هذا البحث نتطرق للحديث حول أداة أخرى من أدوات الحرية المالية وهي الاستثمار بسندات الدين والتي تعرف بـ (Bond Basics).
ما هي هذه السندات وما هي ميزاتها عن الأسهم وغيرها من المعلومات الهامة حول فوائد الاستثمار بالسندات.
*أساسيات سندات الدين (Bond Basics):
إن أول شيء يتبادر إلى أذهان معظم الناس، عندما يفكرون في الاستثمار تكون سوق الأوراق المالية، بعد كل شيء فإن الأسهم تكون مثيرة، والتقلبات في الأسواق يتم تدقيقها في الصحف وتغطى، حتى في نشرات الأخبار المسائية المحلية، وإن ما يشاع من قصص حول مستثمرين حصلوا على ثروة كبيرة في سوق الأسهم يعد أمراً شائعاً.
من ناحية أخرى، فإن السندات ليس لديها نفس قوة الجاذبية، حيث تبدو لغتها غامضة ومشوشة بالنسبة للشخص العادي، إضافةً لذلك فإن السندات مملة أكثر بكثير، خاصةً خلال تصاعد الأسواق ((bull markets بشكلٍّ شديد، حينها يبدو أنهم يحققون عائداً ضئيلاً مقارنة بالأسهم.
وبكل حال، فإن كل ما يتطلبه الأمر هو هبوط الأسواق (bear market)، لتذكير المستثمرين بأفضل استقرار وأمانة السندات. في الواقع فإنه بالنسبة للكثير من المستثمرين تجعلهم يشعرون إنه من المنطقي أن يكون لديهم على الأقل جزء من محافظهم مستثمراً في سندات الدين.
ما هي سندات الدين؟
هل سبق لك واقترضت المال في أي وقت مضى؟ بالطبع لقد فعلتها! فإذا كنّا طالبنا والدينا ببعض المال لشراء الحلوى حين كنا أطفالاً، أو طلبنا من البنك الحصول على رهن عقاري (mortgage)، بالتالي نكون معظمنا اقترضنا المال في مرحلة معينة من حياتنا.
تماماً كما يحتاج الناس إلى المال، كذلك فإن الشركات والحكومات تحتاجها، حيث تحتاج الشركة المال للتوسع في أسواق جديدة، بينما تحتاج الحكومة المال من أجل كل شيء بدءاً من البنية التحتية إلى البرامج الاجتماعية.
إن الشركات الكبرى تقوم بحل هذه المشكلة بجمع الأموال، من خلال إصدار السندات أو (أدوات الدين الأخرى) وبيعها إلى العامة في الأسواق، وبالتالي يقوم الآلاف من المستثمرين، بإقراض جزء من رأس المال اللازم.
حقيقةً ليست السندات أكثر من قرض، تكون فيه أنت المقرض (حيث يكون شاريها هو المقرض).
إن الهيئة التي تبيع السندات تُعرف بوصفها الجهة المصدرة، بإمكانك أن تفكر أن السندات مثل الإقرار بالدين يعطى من قبل المقترض (الجهة المصدرة) إلى المقرض (المستثمر).
بطبيعة الحال لا يوجد أي شخص يقوم بإقراض ما كسبه من مال بمشقة مقابل لاشيء، إن الجهة المصدرة للسند، يتوجب عليها أن تدفع للمستثمر شيئاً إضافياً كميزة لاستخدامها ماله، بالإضافة لذلك تأتي بشكل مدفوعات أسعار الفائدة، والتي تتم في نسبة محددة مسبقاً وبجدول زمني.
غالباً ما يشار إلى أسعار الفائدة بالقسيمة ( (coupon، إن الموعد الذي تقوم به الجهة المصدرة بإعادة مبلغ المقترض (تعرف بقيمتها الاسمية)، تُدعى بتاريخ الاستحقاق (maturity date). ومن المعروف، بأن السندات هي أوراق مالية ذات دخل ثابت (fixed-income)، والسبب لأنك تعرف بالضبط مبلغ المال الذي ستحصل عليه في النهاية، إذا كنت تحمل الورقة المالية حتى فترة الاستحقاق.
على سبيل المثال قل إنك اشتريت سندات بقيمتها الاسمية قدرها 1000 دولار، وقسيمتها 8% (أسعار الفائدة)، ومدة الاستحقاق 10 سنوات، هذا يعني أنك ستتلقى مبلغاً قدره 80 دولاراً (1000 دولار= 8%) من أسعار الفائدة بالسنة لمدة عشر سنوات، في الواقع لأن معظم دفعات فوائد السندات تكون بشكل نصف سنوي (كل ستة أشهر)، وأنت تتلقاها على دفعتين 40 دولاراً في السنة لمدة 10 سنوات، عندما يتم استحقاق سند الدين بعد عشر سنوات، سوف تعود إليك الـ 1000 دولار.
*مزايا سندات الدين مقابل مزايا الأسهم:
إن السندات، هي الديون(debt) في حين إن الأسهم هي ملكية (equity)، وهذا هو الفارق الهام بين الأوراق المالية (securities) للاثنين.
ومن خلال شراء حقوق الملكية (الأسهم) يصبح المستثمر مالكاً في الشركة، ويأتي مع الملكية حق التصويت(voting rights)، والحق لمشاركة أي أرباح في المستقبل.
من خلال شراء الديون (السندات) يصبح المستثمر(creditor) دائناً للشركة (أو الحكومة). والميزة الأساسية لتكون دائناً عليك، أن يكون لديك حقوق في المطالبة أكثر على الأصول أكثر مما يفعله المساهمون، وفي حالة الإفلاس(bankruptcy)، فإن مالكي السند سوف يتلقون الدفع من خلال تصفية الشركة قبل أن يتم توزيع ما بقي من الشركة على المساهمين (الأحقية لحامل السند).
وبكل حال فإن مالكي سند الدين لا يمكن لهم المشاركة في الأرباح، إذا كانت الشركة تعمل بشكل جيد ويحق لهم فقط الحصول على قيمة السند الاسمية، والفائدة المستحقة عليه.
خلاصة القول بشكل عام إن مخاطر امتلاك السندات الدين أقل من امتلاك الأسهم، لكن هذا يكلف بأن العوائد منخفضة.
لماذا الاهتمام بسندات الدين؟
من البديهيات أن عوائد الاستثمار في الأسهم أكثر منها في السندات، في الماضي كان هذا صحيحاً بشكل عام لفترات زمنية لا تقل عن 10 سنوات أو أكثر، وبكل حال هذا لا يعني أن لا تستثمر في السندات، فالسندات هي الأكثر ملاءمة في أي وقت لا يمكنك تحمل التقلبات قصيرة الأجل في سوق الأسهم، نضرب لك مثلين حيث يكون هذا صحيحاً:
1- التقاعد: إن أسهل مثال للتفكير بشخص يعيش بدخل ثابت، ببساطة إن المتقاعد لا يستطيع الحصول على كامل رأسماله لأنه عليه دفع الفواتير.
2- استثمارات لآفاق زمنية قصيرة الوقت لنقل مثلاً، إن هناك مسؤولاً تنفيذياً شاباً خطط للعودة إلى الجامعة للحصول على درجة الماجستير لإدارة الأعمال(Master of Business Administration (mba) في ثلاث سنوات، صحيح أن سوق الأسهم تقدم الفرص لنمو أكبر للأموال، وهذا بسبب أن المال الذي يقتطعه للتقاعد يكون معظمه في الأسهم، لكن الشاب المسؤول التنفيذي لا يستطيع أن يتحمل خسارة ماله قبل تعليمه، لأنه يحتاج المال لأغراض محددة في المستقبل القريب نسبياً، والأوراق المالية ذات الدخل الثابت (السندات) تبدو أفضل استثمار.
إن هذين المثالين واضحا المعالم، لكنهما لا يمثلان جميع أنواع المستثمرين، إن معظم المستشارين الماليين ينصحون بالحفاظ على محافظ استثمارية متنوعة، وتغيير أوزان فئات الأصول طوال حياتك على سبيل المثال، في العشرينات والثلاثينات من عمرك فإن غالبية ثروتك يجب أن تكون في الأسهم، وفي الأربعينات والخمسينات يجب أن تغير نسباً من الأسهم إلى السندات حتى فترة التقاعد، حيث تكون غالبية استثماراتك بشكل من أشكال الدخل الثابت.
*أساسيات سندات الدين؛ الخصائص:
تمتلك سندات الدين عدداً من الخصائص، التي يجب أن يكون لك دراية بها، وكل هذه العوامل تلعب دوراً في تحديد قيمة السند ومدى تناسبها مع محفظتك الاستثمارية.
القيمة الاسمية (المنصوص عليها) /القيمة الأساسية (قيمة ذات المستوى) Face) Value/Par Value)
إن القيمة الاسمية (المعروفة بالقيمة الاسمية أو أصل السند)، هي مبلغ المال الذي يعود لمالك السند حين موعد الاستحقاق، وعادةً تباع سندات الدين الصادرة حديثاً بالقيمة الأساسية.
وعادةً تكون القيمة الأساسية لسندات الدين للشركات من 1000 دولار، لكن هذا المبلغ يمكن أن يكون أكثر من ذلك بالنسبة لسندات دين الحكومة.
إن ما يسبب تشوشاً لدى الكثير من الناس، بأن القيمة الأساسية لسند الدين هي ليست سعر سندات الدين في السوق، إن سعر سندات الدين متقلب طوال فترة تداولها لحين استحقاقها في استجابة لعدد من المتغيرات، عندما يتم تداول سندات الدين بأسعار أعلى من قيمتها الاسمية يقال إنها بيعت مع علاوة (أعلى من سعرها بقيمتها الاسمية)، وعندما تباع سندات الدين بأخفض من قيمتها الاسمية، يقال إنها بيعت بحسم بسعر مخفض.
*القسيمة (أسعار الفائدة):
إن القسيمة هي المبلغ الذي يتلقاه مالك السند على شكل مدفوعات بالفائدة، وهي تدعى بالقسيمة لأنه في بعض الأحيان كان هناك قسائم محسوسة (ورقية) على السند، والتي كانت تمزق وتستبدل بالفائدة، ولكن هذا كان أمراً شائعاً في الماضي أما في أيامنا اليوم فالسجلات ترجح أن تبقى إلكترونياً.
كما ذكرنا سابقاً فإن معظم سندات الدين تدفع الفائدة كل ستة أشهر، لكن من الممكن بالنسبة لهم أن تدفع شهرياً، أو فصلياً أو سنوياً.
يعبر عن القسيمة بنسب مئوية من القيمة الأساسية، إذا كان يدفع للقسيمة بنسبة 10% والقيمة الأساسية تكون 1000 دولار، فيتم دفع 100 دولار من الفوائد في السنة.
إن نسبة الفائدة التي تبقى ثابتة من القيمة الأساسية مثل المثل الأعلى تسمى سندات الدين بسعر فائدة ثابت.
احتمال آخر يكون بدفع سعر فائدة قابل للتعديل ويعرف بسعر سندات دين عائمة الفوائد، في هذه الحالة فإن سعر الفائدة يكون مرتبطاً بسعر فائدة السوق من خلال مؤشر مثل أسعار فائدة سندات الخزينة.
ربما تعتقد أن المستثمر سيدفع المزيد مقابل قسيمة عالية أكثر من مقابل قسيمة منخفضة، إذا كانت كل الأشياء متشابهة، فإن القسيمة المنخفضة تعني أن سعر سند الدين سيتقلب كثيراً( أكثر من تقلبات القسيمة العالية).
*الاستحقاق (Maturity):
إن تاريخ الاستحقاق، هو التاريخ في المستقبل الذي سيعاد فيه دفع المبلغ الأساسي (القيمة الاسمية)، يمكن أن يتراوح تاريخ الاستحقاق بين أقل من يوم واحد ولمدة 30 سنة (رغم أن هناك إصدار استحقاق تم لـ 100 سنة).
إن سندات الدين الذي يتم استحقاقه في سنة واحدة يمكن التنبؤ بها أكثر، وبالتالي مخاطرها أقل من استحقاق سندات الدين في 20 سنة، ولذلك بشكل عام إن السند ذي الاستحقاق طويل الأجل نسبة فوائده أعلى، إذا كانت كل الأشياء متشابهة بالمساواة فإن تقلبات سعر سندات الدين طويلة الأجل، تكون أكثر من تقلبات سعر سندات قصيرة الأجل.
*جهة الإصدار(Issuer):
إن الجهة المصدرة لسندات الدين تشكل عاملاً حاسماً تؤخذ بعين الاعتبار، لأن استقرار الجهة المصدرة تكون ضماناً أساسياً لاستعادة قيمة السند، على سبيل المثال: إن الحكومة الأمريكية أكثر أماناً من أي شركة، وتكون مخاطر العجز (default risk) عن الدفع (احتمال عدم تسديد الديون) صغيرة للغاية، وسبب صغر هذا الاحتمال أن الأوراق المالية للحكومة الأمريكية تعرف بأصول خالية المخاطر(risk-free assets)، إن السبب خلف ذلك أن الحكومة قادرة دائماً على جلب الإيرادات في المستقبل من خلال الضرائب، أما الشركة من جهة أخرى يجب عليها أن تستمر بتحقيق الأرباح، والتي تكون ليست بالشكل المؤكد، هذا الخطر المضاف يعني أن سندات دين الشركة، يجب أن تقدم عائدات (yield) أعلى لجذب المستثمرين، وهذا يكون مبادلة المخاطر مقابل العائد (risk/return tradeoff).
إن نظام تصنيف سندات الدين (bond rating) يساعد المستثمرين على تحديد المخاطر الائتمانية للشركة، والتفكير في تصنيف سندات الدين مثل بطاقة تقرير للتصنيف الائتماني للشركة.
إن شركات (Blue-chip) تعني (الشركات التي أثبتت قدرتها على دفع أرباح الأسهم في الأوقات الجيدة والسيئة على حد سواء، أي (إن أسهمها راسخة وسليمة من الناحية المالية، ويكون الاستثمار فيها آمناً وتصنيفها الائتماني عالياً، في حين إن الشركات الخطرة لديها تصنيف ائتماني منخفض.
إن الرسم البياني في الأسفل يوضح تصنيف سندات بجداول مختلفة من وكالات تصنيف رئيسة في الولايات المتحدة، وهي : موديز وستاندارد آند بوور وفيتش.
تصنيف السندات نوعية المخاطر
Moody's
موديز S&P/ Fitch
ساندراد آند بوروز وفيتش
Aaa AAA استثمار أعلى درجة
Aa AA
استثمار جيدة جداً
A A
استثمار قوية
Baa BBB استثمار وسط
Ba, B BB, B غير مضمونة مضاربة
Caa/Ca/C CCC/CC/C غير مضمونة مراهنة كبيرة
C D غير مضمونة عاجزة
لاحظ: إنه إذا كانت الشركات تندرج تحت تصنيف ائتماني معين فدرجاتها تتغير من نوعية الاستثمار إلى وضع غير مرغوب به وبحسب المثل الشامي (من هنا إلى بردى).
إن سندات الدين غير مرغوب بها هي اسم على مسمى: إنها ديون الشركات في حالات من الضيق المالي، لأن هذه الشركات فيها مخاطرة شديدة، وعليها تقديم عوائد أكثر من أي ديون أخرى.
هذه النقطة هامة جداً" ليست كل سندات الدين بطبيعتها أكثر أماناً من الأسهم، يمكن لنوع معين من سندات الدين أن يكون محفوفاً بالمخاطر، إذا لم يكن أكثر خطورة من الأسهم".
المراجع:
Bond Basics: Introduction
http://www.investopedia.com/university/bonds/
Bond Basics: What Are Bonds?
http://www.investopedia.com/university/bonds/bonds.
Bond Basics: How To Read A Bond Table
Bond Basics: Characteristics
المصدر : الباحثون العدد 74+75 تشرين2 – كانون1 2013