برز إلى الأضواء خلال السنوات العشر الماضية مصطلح "تقنية النانو" الذي ألقى بظلاله على العالم، وأصبح محط اهتمام الجميع، فهذه التقنية الواعدة تبشر بقفزة هائلة في جميع فروع العلم، ويرى الباحثون أنها ستلقي بظلالها على جميع مجالات الحياة. وتعود فكرة التقانة النانوية إلى عام 1959 حين ورد مفهومها خلال المؤتمر السنوي لجمعية الفيزياء الأمريكية، على "لسان ريتشارد فينمن"، الحائز على جائز نوبل في الفيزياء عام 1965. لكن الفكرة لم تشهد أي صدى قبل سنة 1980، وانتظرت صدور بحث حول تحريك الجزيئات كتبه "إريك دريكسلر" لتجذب انتباه الباحثين والعلماء.
وتعتبر التقانة النانوية امتداداً لاكتشاف تطبيقات مختلفة للميكانيك الكمومي، أتاحت للعلماء إدراك مفهوم المادة بدقة متناهية، وصلت إلى مستويات الجزيء والذرة. ورغم ذلك الإدراك الباهر، فإن التقنيات، كتقنية صناعة المجهر، لم تتطور تطوراً كبيراً إلا خلال السنوات الأخيرة من القرن العشرين، حيث صار من الممكن الآن تناول الذرات منفصلة عن بعضها بعضاً ومعالجتها، ومازال بعض الباحثين يرون أن التقانة النانوية ضرب من ضروب علم الخيال، في الوقت الذي أصبحت فيه هذه التقانة المتقدمة رهاناً من أكبر رهانات القرن الحادي والعشرين. وقد عرف البروفيسور الإنكليزي "نوريو تانوشي" هذه التقنية بأنها تقانة تتعامل مع أبعاد نانوية، ولها تطبيقات عملية، أو أنها تطوير الفهم والتحكم بالمادة على أبعاد واحد إلى مئة نانومتر، حيث يمكن أن تكون مواصفاتها الفيزيائية، والكيميائية، والبيولوجية، مختلفة وبشكل جوهري عن مواصفاتها، وهي في الحالة الذرية، والعنصرية أو المستمرة. فالنانومتر هو وحدة قياس مترية (نانو متر)، ويبلغ طوله واحدا من بليون من المتر، أي ما يعادل عشرة أضعاف وحدة القياس الذري المعروفة بالأنغستروم. وحجم النانو أصغر بحوالي / 80000 / مرة من قطر الشعرة، وكلمة النانو تكنولوجي أو التقانة النانوية تستخدم أيضاً بمعنى تقانة المواد المتناهية في الصغر أو التكنولوجيا المجهرية الدقيقة أو تكنولوجيا المنمنمات. أما كلمة نانو فهي بادئة (أي إنها كلمة تلصق بأول كلمة أخرى) لتجعلها تعني أو تمثل جزءاً من ألف مليون (مليار) جزء من ذلك الشيء، فمثلاً لو قلنا (نانوغرام) فإن ذلك يعني أننا لو قسمنا الغرام إلى ألف مليون جزء وأخذنا جزءاً واحداً فقط من هذه الأجزاء فإنه سيمثل (نانوغرام)، وعلى المنوال نفسه لو أخذنا متراً واحداً وقسمناه إلى ألف مليون جزء فإن الجزء الواحد من هذه الأجزاء يمثل (نانومتر). أما البادئة (ميكرو) فإنها تعني جزءاً من مليون، فإذا قلنا ميكرومتر فإن ذلك يعني جزءاً واحداً من مليون جزء من المتر. والميكرومتر الواحد يساوي ألف نانومتر، أو إن النانومتر الواحد يساوي واحد من ألف من الميكرومتر.
خاصية مقياس النانو
الخاصية التي يستند إليها هذا العلم هي حقيقة إنه كلما صغر حجم الحبيبات زادت نسبة المساحة السطحية إلى الحجم، والتي وجد أنها تساعد على سرعة التفاعلات الكيميائية، وكذلك حقيقة بروز أكبر لبعض الظواهر الفيزيائية، مثل بروز لتأثيرات قوانين الميكانيك الإحصائي والميكانيك الكمي، وهذه التأثيرات لا تظهر بالذهاب من الأحجام الاعتيادية إلى مقياس الميكرو ولكن تظهر بالوصول إلى مقياس النانو. ومن التأثيرات الملاحظة أيضاً تحول بعض المواد الشفافة (مثل معدن النحاس)، وتحول بعض المواد الخاملة إلى مواد سريعة التفاعل (مثل البلاتينيوم)، وتحول بعض المواد المستقرة إلى عكس ذلك (مثل الألمنيوم)، وتحول بعض المواد من الحالة الصلبة إلى الحالة السائلة في درجات حرارة اعتيادية (مثل الذهب)، وتحول بعض المواد العازلة إلى مواد موصلة (مثل السليكون). وقد وصل علم الكيمياء التركيبية إلى درجة من التقدم بحيث أصبح من الممكن تشكيل أي جزيئة بأي شكل نشاء، وهذه الطرق تستعمل اليوم لتصنيع منتجات الأدوية ومواد التجميل وبعض الدائن. ومن الطموحات في هذا المجال تصنيع جزيئات ترتب نفسها ذاتياً، تماماً كما تفعل الأنزيمات الطبيعية التي تعرف الكيفية والمكان اللذين تؤثر فيهما. وحالياً فإن تسمية "التقانات النانوية الجزيئية" تعني "التصنيع الجزيئي" أو تعني "المكائن النانوية" التي تصنع التشكيل المطلوب، أو الجهاز المطلوب (ذرة – ذرة).
حقول التقانة النانوية
يعتبر مصطلح التقانة النانوية مصطلحاً فضفاضاً ويحوي الكثير من الحقول الجانبية، والكثير من هذه الحقول يتداخل بعضها مع بعض بصورة يصعب التمييز فيما بينها ومن أهم هذه الحقول:
- حقل المواد النانوية: ويعني هذا الحقل بخواص المواد ذات الأبعاد النانوية للاستعمالات المختلفة، مثل أنابيب الكربون النانوية والجسيمات النانوية والقضبان النانوية.. الخ.
- حقول التشكيل من الأعلى إلى الأسفل : وتستند التقانات هنا إلى تجميع الذرات والجزيئات لتشكيل كينونة أكبر، ومن أهم الأمثلة هنا محاولة تركيب مواد جديدة من الأحماض الأمينية.
- حقل التشكيل بالنزول من الأكبر إلى الأصغر: وتستند التقانات هنا إلى تصنيع أجهزة صغيرة جداً مبتدئين بأشياء أكبر، ومن أمثلة التصنيع هنا تصنيع المعالجات الميكروية للحواسيب وأجهزة التحكم بأبعاد تقرب من 100 نانومتر مبتدئين من قطعة سيليكون كبيرة نسبياً.
- حقل التصنيف حسب الوظيفة: وتستند التقانات هنا إلى التصنيع رغبة بوظيفة محددة بغض النظر عن التقنية المستعملة، وهل هي التشكيل من الأسفل إلى الأعلى أم النزول من الأكبر إلى الأصغر. ومن أهم الأمثلة هنا حقل الإلكترونيات الجزيئية التي تسعى إلى تصنيع أجزاء إلكترونية نانوية مثل ما يعرف باسم "العربة النانوية".
- حقل التأثيرات المجتمعية والتوقعات المستقبلية، وهذا الحقل يركز على تأثيرات التقانات النانوية على المجتمع وأفكاره أكثر من اهتمامه بكيفية إتمام التصنيع.
التقانة الحيوية النانوية
من الميادين التي يهتم بها هذا العلم الفرع المسمى "التقانة الحيوية النانوية" الذي يقع في مفترق الطرق بين العلوم الهندسية وعلم الأحياء، والذي يعني استخدام الطرق المنبثقة عن التقانة الحيوية وتكيّفها مع علم الأحياء، ويتمثل هذا الدور بصورة عامة في تحسين عمليات الفحص الطبي والعلاج انطلاقاً من إلمام الباحثين بخواص المادة الحية على المستوى الذري، ومن ثم البحث في إنشاء جزيئات جديدة تفيد في العلاج. والواقع أن المتخصصين لم يتجاوزا حتى الآن في هذا الحقل مرحلة الاختبارات. وتهدف دراسات التقانة الحيوية النانوية، على وجه التحديد، إلى تجهيز الألياف الضوئية بملاقط ميكروية تسمح بتفحّص الأعضاء ومعالجة الأورام، وكذلك قياس ضغط الدم والحموضة ونسبة الكولسترول، وغير ذلك من الفحوص، ويطمح الأطباء إلى صناعة إنسانة نانوية (نانو روبوت) قادرة على التحرك داخل أجسامنا لمعالجة الخلايا المريضة وحقن الأدوية في المكان المناسب والوقت المناسب. ويأمل هؤلاء العلماء إلى تجاوز مرحلة "الاختبار" خلال السنوات المقبلة، ومن المنتظر أن تؤدي هذه القفزة النوعية في طرق العلاج إلى تحولات جذرية في تحضيرات الأدوية، ويقدر الخبراء إنه سيكون بالإمكان بعد فترة – تراوح بين عشر سنوات وعشرين سنة – توجيه حركة نانو جزيئات مغناطيسياً من خارج الجسم لجعلها تبلغ نقطة معينة داخل الجسم وأداء مهمتها هناك، وهذا ما سيسمح للأطباء بإعادة تشكيل بعض الأجزاء المصابة في جسم المريض، كما يتيح إمكانية تنصيب جهاز في مخ الإنسان ينقل الصور المأخوذة عبر الكاميرا، أو يقوم بالنقل المباشر للأوامر التي يصدرها العقل وتبليغها إلى جهاز خارجي كالحاسوب.
الصناعة النانوية
كانت اليد العاملة هي الإنسان ذاته، ثم حلت الآلة محله شيئاً فشيئاً في العديد من الوظائف، ولكن هذه الآلات الضخمة تتطلب أموالاً طائلة لشرائها وتزويدها بالطاقة والوقود من أجل تشغيلها، وهنا يدخل دور التقانة النانوية، وهناك أيضاً إمكانية إنتاج كائنات خفيفة الوزن شديدة المقاومة والنقاوة، والروبوتات التي يريد الناس استخدامها لا يتجاوز حجمها حبة الأرز، وهي قادرة على تجميع الذرات فيما بينها. وفي هذه الصناعة تستخدم الآلة مثلا لتمليس وصقل قطعة مجهرية من المعدن أو الزجاج فيُطلب إليها تخفيض السماكة ثلاثين نانومتراً فيفقد السمك فعلاً ثلاثين نانومتراً، ذلك أن هناك آلة للمراقبة والتحكم تتلمس السطح فتؤكد أن الآلة الصاقلة خفضت السمك ثلاثين أو أربعين نانومتراً.
ورغم ذلك، فالملاحظ أن الوسط الذي تعمل فيه التقانة النانوية وسط مريب، لأن جميع الأحجام والمساحات والأطوال متشابهة الأبعاد، فحجم الحرف الحاد الذي يقوم بالقطع والتمليس هو من حجم الكائن الذي نريد صناعته، كما أن حجم مراقب درجة الصقل من حجم التضاريس الذي نطالبه بمراقبتها، وبالأحرى فلا فرق بين الفاعل والمفعول من حيث الحجم في علم التقانة النانوية. ومن جهة أخرى فإن الاهتزازات التي لا يمكن القضاء عليها بشكل كلي، وكذلك درجات الحرارة، تؤثر على الأبعاد والأحجام في كل لحظة، قبل وخلال وبعد إنجاز العمليات ومراقبتها، ومن ثم يمكن التساؤل عن مصداقية الحصول على دقة تقاس بالنانومتر؟ وإذا ما أضفنا على المؤثرات الآنفة الذكر التأثيرات الخارجية – المعلومة منها والمجهولة – فإن هذا التساؤل يزداد إلحاحاً. ومن بين العوامل الخارجية غير المنتظرة ما يروى عن تجربة في التقانة النانوية أجرتها مجموعة من الباحثين، لقد أظهرت هذه التجربة من حين لآخر تشققاً غير متوقع في الجهاز المستخدم، وعجز المهندسون عن إدراك السبب، لكن أحدهم ظل يراقب ويراقب ويكرر التجربة إلى أن اكتشف أن الشقوق تظهر كلما استخدم ماء دورة المياه المجاورة لمكان التجربة، ويرجع هذا إلى كون ذلك الجهاز يخضع لعملية تبريد بالماء العادي، لكن تدفق الماء في دورة المياه يحدث اضطرابات آنية في عملية التبريد، ولذلك كله فإن آلات التصنيع النانومترية تخضع لشروط معينة منها أنها:
- تصنع من مواد مانعة للاهتزازات.
- تعمل بدرجة حرارة ثابتة.
- تعمل في مكان منعزل.
- تقيس المسافات بأشعة الليزر.
- تتحكم في الحركات رقمياً من خلال برنامج خاص.
- تستخدم أدوات مصنوعة من الألماس أحرفها لا تزيد على بضع عشرات النانومتر.
- ينبغي أن تشكل مع القطعة المراد تجهيزها وتصنيعها مجموعة متماسكة.
ونجد أن رقعة التقانة النانوية تتسع في التقانة العالية مثل التحكم المنقطع النظير في الطاقة وتقليص استخدامها في مجال الاتصالات والتقانة البصرية وتحويل الطاقة الشمسية.
التقانة النانوية والمنتجات الغذائية والزراعة
تؤدي التقانة النانوية دوراً كبيراً في القطاع الزراعي، وذلك عن طريق توفير عدد ضخم من مواد نانوية متعددة تستخدم كأسمدة كيميائية تعمل على زيادة نمو المزروعات وتحسين التربة، مما ينعكس بالإيجاب على جودة المحاصيل وزيادة إنتاجية الأراضي الزراعية. كذلك تستخدم هذه التقانة في تخليق أنواع خاصة من المبيدات الحشرية الآمنة المتوافقة بيئياً وبيولوجياً بهدف المقاومة الفعالة والسريعة للآفات الضارة واستهدافها، ومن المتوقع أن يزداد دور تلك التقانة خلال السنوات القليلة القادمة، وتسهم مع تقانة الهندسة الوراثية في ابتكار سبل اقتصادية وطرق جديدة وفريدة ترمي إلى تحسين المحاصيل الزراعية ورفع جودتها، وذلك من خلال التحكم والتلاعب الجيني الآمن للمزروعات، مما يضمن زيادة في إنتاجية وجودة المحاصيل الزراعية. وتقدم الشركات المنتجة للمواد النانوية عدداً كبيراً من المواد الكيميائية الزراعية القائمة على تصغير حجم حبيبات المواد الداخلة في المستحلبات التي يقل قطرها من 100 نانومتر، مما يضمن زيادة هائلة في نشاطها وفاعليتها وذلك نظراً لتعاظم قيم مساحة سطوح تلك الحبيبات.
وثمة كثير من المواد النانوية دخلت بالفعل في عدد من المنتجات، والمكملات الغذائية، إضافة إلى دخولها في مجال تعبئة وتغليف وتخزين الأغذية والمنتجات الزراعية. وقدّر الباحثون أن عدد تلك المنتجات التكنولوجية المرتبطة بقطاع الغذاء والمتاحة في الأسواق يصل إلى نحو 600 منتج. وقد ابتكرت إحدى الشركات الألمانية المتخصصة في إنتاج وتعبئة اللحوم المحفوظة بعض الإضافات من حبيبات غروية لا تزيد أقطاره عن 30 نانومتراً يتم تأهيلها بحيث يكون كبسولات تحتوي بداخلها على مكملات غذائية، مثل فيتامينات (ج، هـ)، وكذلك الأحماض الدهنية التي يمكن استخدامها كمواد حافظة بحيث لا ينجم عنها أي أضرار أو مشكلات صحية. وتعد تطبيقات التقانات النانوية في تعبئة وتغليف المواد الغذائية أقدم تطبيقات تلك التقانة الجديدة في قطاع الأغذية على وجه العموم. وأظهرت الإحصاءات أن ما بين 400 و500 منتج غذائي يتم تعبئته وتغليفه أو حفظه بواسطة هذه التقانة، ومن المتوقع أن يتم تغليف وتعبئة أكثر من 25% من منتجات الغذاء في عام 2015 باستخدام التقانة النانوية. ويتم الآن تزويد العبوات الغذائية بمحسات نانوية تعمل على مراقبة الحالة الداخلية والخارجية للمنتجات الغذائية المحفوظة وحالة الحاويات والحافلات الناقلة لها أو غرف حفظ الأغذية وأمكنة عرضها، وذلك بهدف الاستشعار بأي تغيير أم نشاط بكتيري أو ميكروبي قد يطرأ عليها، وتعتمد آليات عمل هذه المحسات النانوية على تغير تدريجي يحدث في ألوان المادة النانوية المكونة لتلك المحسات يكون مصاحباً لوجود أي نشاط بكتيري أو ميكروبي عند تركيزات ميكروبية شديدة الانخفاض.
التقانة النانوية والبيئة
تسمح التقانة النانوية بالمراقبة والتوقع والتحكم وتصحيح العديد من المسائل المتعلقة بالبيئة، وهذا مع تخفيض الكلفة وتحسين المردود، ومن التطبيقات الراهنة والمستقبلية للتقانة النانوية في هذا الحقل نذكر:
- تطوير تقانة جديدة "خضراء" غير ملوثة تخفض تكلفة استخدامات أدوات ثانوية غير مرغوب فيها.
- اكتشاف ملوثات الماء والهواء والتربة الأكثر دقة والتخلص منها بتكاليف غير باهظة، مما يسمح مثلاً بتوفير مخزون الماء الصالح للشرب.
- تصفية المياه القذرة وكذلك المياه الصناعية الزراعية. ويذكر بخصوص الماء أن علماء التقانة النانوية توصلوا إلى صناعة روبوت لا يزيد طوله، 1.5ميكرومتر قادر على رسم خريطة فائقة الدقة لسطح يبدو للعين مستوياً.
- التوصل إلى درجة عالية من التطور في حياة المجتمع، مع تقليص استخدام المواد الأولية.
- صناعة سيارات أكثر خفة ومقاومة للصدمات والخدوش، وهو ما يزيد في عمر تلك السيارة ويقلل من استخدام الوقود وتلويث البيئة.
- زيادة مدة صلاحية المواد الغذائية بضمان العزل الكامل لها وجعلها، مثلاً، في مأمن من الأوكسجين وبخار الماء، وهذا يقلل من النفايات الغذائية.
- الحفاظ على الطاقة باستخدام نوع جديد من المواد العازلة ومواد البناء "الذكية".
- تحسين مردود جميع أنواع البطاريات.
التقانة النانوية البيولوجية
وهناك قضية أخرى بالغة الأهمية للباحثين في البيولوجيا، إنها عملية جلب أنسجة مجهرية من أعضائنا لفحصها واختبارها للإلمام بوظائفها وبكيفية عملها، ومن ثم نجد فئة من الباحثين يرغبون في ترك روبوتات نانوية في المستقبل داخل الجسيم حتى يتسنى لهم التعمق في بعض الدراسات المرتبطة بصحة الإنسان. ومن المشروعات البيولوجية الأخرى تفكير العلماء في وضع قطرة دم في مكان معين ثم تجزئتها إلى عدة قطرات صغيرة تأخذ كل منها مساراً محدداً، وفي آخر كل مسار توضع مادة كيميائية تهدف إلى اختبار خصائص الدم، كاختبار نسبة الكوليسترول، وما يعقّد هذا الوضع أن تلك المسارات جداً ضيقة لا تتجاوز خمسين ميكرومتراً، لذا وجبت مساعدة القطرات باستخدام تقنيات التقانة النانوية لتصل إلى نهاية مساراتها. ومن فوائد هذه التقنية أنه يمكن استخدامها في اختبار المياه وتحليلها ومعرفة مدى احتوائها على الشوائب والملوثات. وامتدت هذه التجارب إلى المواد الغذائية المختلفة، فقد اكتشف الباحثون أن هذه التقنية تعطي نتائج التحاليل في مدة لا تزيد عن أربع ساعات، كما أن طريقة التحليل المعمول بها حالياً تتطلب القيام باختبار كل عضو مجهري على حدة، أما استخدام التقنية الحديثة فيعطي عشرات النتائج لاختبار واحد، ويتم كل هذا بتكاليف تقل عن التكاليف بعشر مرات.
التقانة النانوية العسكرية
يهتم العسكريون بالتقانة النانوية لتطلّعهم إلى صناعة الأسلحة الصغيرة الحجم (أسلحة مجهرية) وصناعة روبوتات تقوم بمهام تجسسية، وقد صُنعت مثلاً مادة لاصقة ذات سمك مجهري يحول دون استخدام الطرقات ومدرجات المطارات، وصنعت مادة دهنية مماثلة تمنع تشغيل المحركات في المكان الذي تثبت فيه كالسحاب. فتخيل طائرة محلقة في السماء وبمجرد وصولها إلى منطقة معينة تتوقف محركاتها تلقائياً، دون أن يمسها أحد، ذلك ما أطلق عليه بعضهم "النانو حرب" أو "الحروب النانوية". ويسعى العسكريون أيضاً إلى صناعة قنابل ذات خصوصيات معينة، كالقنابل الصغيرة الحجم والقوية المفعول، وصناعة مواد طائرة تواجه الصواريخ القادمة.
مراجع :
1 – التقانة النانوية.. ماذا تعني، د. م. محمد علي السيد علي، مجلة المهندس العربي، العدد 169، الربع الثاني 2011، نقابة المهندسين السوريين.
2 – التقانة النانوية.. علم يتقدم، د. أبو بكر خالد سعد الله، مجلة التقدم العلمي، العدد 54، أيلول 2009، مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.
3 – الطب الحيوي النانوي، د. مهنا بن كمال مهنا، مجلة العلوم والتقنية، السنة 24، العدد 93، كانون الثاني 2010، السعودية.
4 – تكنولوجيا النانو وبناء أعضاء جديدة، طارق راشد، ملحق "مجلة" جريدة الجزيرة السعودية، العدد 57، كانون الأول 2007.
عناوين
يطمح الأطباء إلى صناعة إنسانة نانوية (نانو روبوت) قادرة على التحرك داخل أجسامنا لمعالجة الخلايا المريضة وحقن الأدوية في المكان والوقت المناسب
يتم الآن تزويد العبوات الغذائية بمحسّات نانوية تعمل على مراقبة الحالة الداخلية والخارجية للمنتجات الغذائية المحفوظة وحالة الحاويات والحافلات الناقلة لها أو غرف حفظ الأغذية وأمكنة عرضها
توصل علماء التقانة النانوية إلى صناعة روبوت لا يزيد طوله عن 1.5ميكرومتر قادر على رسم خريطة فائقة الدقة لسطح يبدو للعين مستوياً
كلمة النانو تكنولوجي أو التقانة النانوية تستخدم بمعنى تقانة المواد المتناهية في الصغر أو التكنولوجيا المجهرية الدقيقة أو تكنولوجيا المنمنمات
المصدر : الباحثون العدد 76+77 شباط – أذار 2014