"ليس السوق المالي سوى مرآة تعطي صورة عن الوضع الاقتصادي الأساسي أو التحتي"
"جون كينيث جالبريت"
الثروة، ليست مفردة عابرة بل إنها حلم ينشده جميع سكان المعمورة قاطبة، لكن تحقيقها يتطلب جهداً وعملاً، لكن مع تطور التكنولوجيا وتنامي المطالب الاقتصادية لدى الكثير من الشعوب باتت الحرية المالية من الحريات المنشودة.
تخيّل مثلاً أن تكون صاحب عمل دون أن تضطر لتظهر في مكان العمل؟ تخيل لو أنك تجلس مستريحاً وتشاهد شركتك تنمو وتجمع شيكات الأرباح الموزعة dividend عندما تتدفق الأموال، قد يبدو ما نقوله كأنه أضغاث أحلام، ولكنه أقرب إلى الواقع أكثر مما تظن.
وهنا تماماً مثل ما خمنت فإننا نتكلم عن اقتناء الأسهم، هذه الوسيلة المالية العظيمة هي من دون شك واحدة من أعظم الأدوات التي تم اختراعها حتى الآن لبناء الثروة، حيث تشكل الأسهم جزءاً إذا لم تكن حجر الزاوية تقريباً لأي محفظة استثمارية.
الحرية المالية
عندما تبدأ طريقك إلى الحرية المالية، فإنك تحتاج فهماً عميقاً للأسهم وكيف يتم تداولها في سوق الأسهم stock market.
وخلال العقود الأخيرة فإن اهتمام الشخص العادي بأسواق الأسهم زاد بشكل كبير، وما كان لعبة في يد الأغنياء أصبح الآلية المفضلة لتنامي الثروة، هذا الطلب إضافة إلى التقدم التكنولوجي في التداول فتح الأسواق، والتي هي في هذه الأيام تمكن أي شخص من امتلاك الأسهم.
على الرغم من شعبيتها فإن معظم الناس لا يفهمون بشكل تام الأسهم، هناك مقولات كبيرة حول أشخاص يقولون مثلاً إن ابن عم فلان (قبر الفقر) في شراء الشركة الفلانية والآن لديه معلومة قيمة، أو يمكن أن تسمعهم يقولون انتبه من الأسهم، أو يمكن أن تخسر قميصك في غضون أيام، إن الكثير من هذه المعلومات الخاطئة تعتمد على عقلية الربح السريع والتي كانت سائدة بشكل خاص خلال فترة فقاعة الانترنت dotcom أواخر التسعينات .
اعتقد الناس أن الأسهم هي حل سحري لثروة آنية دون أية مخاطر، لكن ما حدث بعد انهيار شركات الانترنت أثبت أن الحالة ليست كذلك، يمكن للأسهم أن تنتج مبالغ هائلة من الثروات لكنها لا تخلو من المخاطر.
إن الحل الوحيد لهذه المشكلة هو التعلم، والمفتاح الأساسي لتحمي نفسك من سوق الأسهم أن تفهم أين تضع أموالك.
ولكون تجربة سوق الأسهم في البلدان العربية وخاصةً في سورية، حديثة الولادة لابد من تقديم بعض المفاهيم التي تمكِّن المهتمين من التعرف على حقيقة هذه الأدوات التي تنشد الحرية المالية.
تاريخ نشأة الأسهم
يمكن التعبير عن السهم بشهادة ملكية السهم، وهي قطعة ورقية جاذبة تثبت ملكية الشخص للسهم، وفي عصر الحاسوب اليوم، لن ترى هذه الوثيقة لأن شركة الوساطة المالية (الأسهم) تحتفظ بالسجلات إلكترونياً، والتي تعرف اليوم بالاحتفاظ بسجل المساهمين"in street name". ، لقد تم ذلك لجعل التداول يتم بشكل أسهل.
في الماضي حينما كان يريد الشخص أن يبيع أسهمه، فإنه كان يقوم بحمل الوثائق معه إلى شركة الوساطة، الآن فإن التداول يتم بالنقر على الحاسوب أو بمحادثة هاتفية تجعل الحياة أسهل للجميع .
stocks1_certificate_small
Example stock certificate
مثال عن شهادة سهم قديم
المساهم العادي ماله وما عليه
لكونك مالكاً لسهم شركة مساهمة هذا لا يعني أن لديك رأياً في التداول اليومي، وعوضاً عن ذلك فإن دورك في الشركة ينحصر أن لكل سهم صوتاً واحداً لانتخاب مجلس إدارة في الاجتماع السنوي، على سبيل المثال لكونك مساهماً في بنك بيمو فهذا لا يخولك أن تتصل بصاحب البنك وتخبره كيف يجب إدارة البنك؟، وفي نفس طريقة التفكير فإنك كونك مساهماً في شركة الكوكاكولا، لا يعني أنه بإمكانك الدخول إلى المصنع وأن تحمل صندوقاً من المشروب مثلاً.
يفترض أن تسعى إدارة الشركة لزيادة قيمة الشركة التي يملكها المساهمون، إذا لم يحدث ذلك فإن المساهمين باستطاعتهم أن يصوّتوا لإزالة مجلس الإدارة، على الأقل من الناحية النظرية.
في الحقيقة إن المستثمرين الأفراد مثلك ومثلي لا يملكون ما يكفي من الأسهم ليكون لهم تأثير ما على الشركة، إنهم فعلاً المالكون الكبار مثل المؤسسات institutional المالية للاستثمار والمليارديرية، الذين هم يتخذون القرارات.
بالنسبة للمساهم العادي فإن كونه غير قادر على إدارة الشركة ليست بالمشكلة الكبيرة بعد كل شيء الفكرة هي: إن كنت لا تريد أن تعمل لكسب المال، فالأهمية كونك مساهماً وهذا يمنحك الحق في الحصول على جزء من أرباح الشركة وأن يكون لك مطالبات على الأصول، إن الأرباح تدفع في بعض الأحيان على شكل توزيع الأرباح (نسبة من الأرباح المعلنة) كلما كنت تملك أسهماً أكثر كان حصتك من الأرباح أكبر، ومطالبك على الأصول لها أهمية فقط في حال إفلاس الشركة bankrupt، وفي حالة التصفيةliquidation فأنت ستتلقى ما تبقى بعد أن يتم الدفع لكافة الدائنين، إن هذه النقطة الأخيرة جديرة بالإعادة، إن أهمية امتلاك السهم تكمن بمطالبك على الأصول والأرباح ومن دون هذا الأمر فإن السهم لا يساوي قيمة الورق المطبوع عليه.
شيء آخر مهم في صفات السهم أنه ذو مسؤولية محدودة والتي تعني باعتبارك مالكاً للسهم فأنت لست مسؤولاً بشكل شخصي إذا كانت الشركة غير قادرة على تسديد الديون، هناك شركات أخرى مثل شركات تضامنية partnerships مبنية على أساس إذا أفلست فإن الدائنين يسعون خلف كل شريك شخصياً، ويبيعونهم منازلهم وسياراتهم ومفروشاتهم .. إلخ . امتلاك السهم يعني أنه مهما حصل فإنك تخسر مقدار الاستثمار الذي دفعته، حتى لو كانت الشركة التي تملك فيها سهماً قد أفلست فإنك أبداً لن تخسر أصولك الشخصية.
الديون مقابل الملكية Debt vs. Equity
لماذا تصدر الشركة الأسهم؟ ولماذا يتقاسم المؤسسون الأرباح مع الآلاف من الناس، عندما هم قادرون على الاحتفاظ بالأرباح لأنفسهم؟ إن السبب في وقت معين كل شركة تحتاج لجمع المال وللقيام بذلك يمكن للشركة أن تقترض من شخص أو أن تجمع المال من خلال بيع جزء من الشركة والمعروفة بإصدارات الأسهم، ويمكن للشركة أن تقترض إما بأخذ قرض من البنك أو إصدار سندات دين وكلا الطريقتين تندرجان تحت مظلة التمويل بالاقتراض debt financing .
من ناحية أخرى فإن إصدار الأسهم يعرف بالتمويل بالأسهم equity financing، وبالتالي إن إصدار الأسهم له العديد من الميزات للشركة لأنها لا تحتاج لإعادة دفع المال، أو تقديم مدفوعات الفائدة أثناء ذلك، وكل ما يحصل عليه مالكو السهم مقابل أموالهم يكون على أمل أن الأسهم في يوم من الأيام ستصبح قيمتها أكثر مما دفعوا في ثمنها،إن البيع الأول للسهم والذي تم إصداره من قبل الشركة الخاصة نفسها يدعى بطرح الاكتتاب العام الأولي initial public) offering ipo).
من المهم جداً أن يفهم مالك السهم الفارق بين تمويل الشركة من خلال الدين (الاقتراض) وتمويل الشركة عن طريق الأسهم، عندما يشتري استثماراً بالدين مثل سند الدين فذلك يضمن له استرداد المال الأساسي إضافة إلى وعود بدفع الفوائد، لكن هذه ليست الحالة عند الاستثمار بالأسهم، وليصبح الشخص مالكاً فإنه يفترض أن يتحمل مخاطرة، إن الشركة قد تكون غير رابحة تماماً مثلما مالكو الأعمال الصغيرة لا يضمنون أن يكون لهم عائداً ولا مالكو الأسهم، وكونه مالكاً فإن مطالبته على الأصول تكون أقل من الدائنين، وهذا يعني أنه إذا أفلست الشركة وتم تصفيتها فهو كمالك للسهم لا يحصل على أية دفعة من المال حتى يتم الدفع للبنوك ومالكي سندات الدين وتدعى هذه بما يعرف بالأولوية المطلقة absolute priority..
المخاطر Risk
يتوجب هنا أن نؤكد إنه لا يوجد ضمانات بأسهم الأفراد، بعض الشركات تدفع توزيعات الأرباح لكن كثيراً منها لا تدفع.
ملاحظة هامة (إن القانون السوري يجبر الشركات بقانون الشركات السوري بنسبة معينة من الأرباح وحين تتجاوز 50% يجبرهم أن يدفعوا توزيع الأرباح) بينما في الخارج غير مجبرين، وغير مطالبين لتوزيع الأرباح قانونياً، حتى لو كانت من قبل تعطي أرباحاً بشكل عرفي ومن دون توزيع الأرباح فإن المستثمر يمكن أن يجني المال فقط من السهم، فقط أي من خلال ارتفاع سعر السهم في السوق المفتوح، ومن مساوئ الأسهم إن أي سهم يمكن أن يفلس في تلك اللحظة فإن استثمارات مالك السهم تصبح بلا قيمة.
قد تبدو المخاطر كلها سلبية؛ هناك جانب مضيء فقط، ولكونك كمالكٍ للسهم تتحمل مخاطر، فإن ذلك يتطلب عائدات أكبر على استثماراتك، وهذا السبب يفسر تاريخياً أن الأسهم فاقت جميع الاستثمارات الأخرى في عائداتها، مثل سندات الخزينة والحسابات المدخرة، وعلى المدى البعيد فإن عائدات الاستثمار في الأسهم تاريخياً تراوحت بين 10-12 % .
المراجع :
Stocks Basics: Introduction
Stocks Basics: What Are Stocks?
http://www.investopedia.com/
المصدر : الباحثون العدد 62 أب 2012