الشباب.. والهوية العربية.. بقلم: ميساء نعامة   وجيه بارودي في جوانب من شعره وطبِّه.. بقلم: عبد الرحمن الحلبي   البدانة... ظاهرة مرضية متفاقمة..إعداد: محمد بن عبدو قهوه جي   الاستفادة من المخلفات الزراعية للحصول على منتجات صديقة للبيئة..إعداد: نبيل تللو   عالَم الخَـفَاء والتاريخ الوجودي للإنسان..إعداد: لمى قـنطار   ما أروع الحجارة حين تتكلم!..نص من دلتا النيل بثلاث لغات قديمة.. كان أصل «علم المصريات» ونص بالآرامية على حجر تيماء كشف صفحات من تاريخها القديم.. إعداد: محمد مروان مراد   البحث عن الطاقة في أعماق مادة الكون.. الدكتور محمد العصيري   هل نحن متقدمون على أسلافنا...في كل شيء؟..إعداد: المهندس ملاتيوس جبرائيل جغنون   ثقوب سوداء تنبذها المجرات .. ترجمة: محمد الدنيا   صفحات من تاريخ التصوير الفوتوغرافي.. يعمل الإنسان دوماً لتخليد حياته بشتى الوسائل وكذلك الحضارات والممالك..إعداد: عصام النوري   أبولودور الدمشقي.. أعظم معمار في التاريخ القديم..إعداد: د. علي القيّم   أدوات الحرية المالية سندات الدين (Bond Basics) الجزء الثاني .. بقلم : إيفلين المصطفى   إحياء القيمرية (عمل بحثي)..إعداد: حسان النشواتي   حقيقة اكتشاف أمريكا..إعداد: د. عمار محمد النهار   التقانة النانوية.. سباق نحو المستقبل..إعداد: وهدان وهدان   الكيتش (kitsch) (الفن الرديء) لغة جديدة بصبغة فنية..إعداد: محمد شوكت حاج قاب   الكواكبي فيلسوفاً.. بقلم: د. حسين جمعة   فقراء ولكنهم الأغنى بين الأغنياء.. بقلم: د. اسكندر لوقــا   التربية أولاً .. بقلم: د. نبيل طعمة   ساقية جارية..بقلم: د.نبيل طعمة   الأبنية الدينية في مدينة دورا أروبوس.. إعداد: وفاء الجوابرة   أطفالُنا بين عالمِ الخيالِ والواقع .. إعداد: د. زهرة عاطفة زكريا   شاعر الشام.. شفيق جبري.. بايعه الشعراء والأدباء وهو في الثلاثين من عمره.. ثار على الفساد والاضطهاد، ودعا إلى البناء والإبداع   قسنطينة.. عاصمة الثقافة العربية 2015.. مدينة الجسور المعلّقة والمساجد التاريخية والقامات الفكرية المبدعة   عودة السفينة الهوائية.. إعداد: محمد حسام الشالاتي   الملح.... SEL..الوجه الآخر.. إعداد: محمد ياسر منصور   مملكة أوغاريت بالأزرق اللازوردي..إعداد: د. علي القيّم   أدوات الحرية المالية ..سندات الدين (Bond Basics) الجزء الأول   كيف نتعلم من إبصار الخنفساء..إعداد: د.سائر بصمه جي   أسرار النوم.. أصله ومظاهره واضطراباته..إعداد: رياض مهدي   سور مدينة القدس وأبوابه.. إعداد: ياسر حامد الأحمد   المرأة الأم وجمالياتها..حيث توجد المرأة يوجد الجمال والذوق والحسّ الصادق بالحياة..المرأة صانعة الحضارة وشريكة حقيقية في المنجزات الإنسانية   تقنية جاسوسية تنتهك خصوصيتنا وتسرق بياناتنا البلوتوث Bluetooth   برامج التدخل المبكر لذوي الاحتياجات الخاصة الأهمية والمبررات   الوطن - الأرض / الأرض - الوطن.. بقلم: د. اسكندر لوقــا   معركة الهارمجدون.. بقلم: الدكتور نبيل طعمة   كنوز المخطوطات الإسلامية في مكتبة الكونغرس.. أول مصحف مترجم في العالم، وصور نادرة لبلاد الشام.. 300 ألف كتاب ومخطوط في العلوم والآداب والفنون   رأس السنة .. بقلم: الدكتور نبيل طعمة   الحقيقة المعتّم عليها بين ابن خلدون وعمالقة الغرب .. بقلم: د. عمار محمد النهار   محمد كرد علي.. رائد الإصلاح والتنوير.. بقلم: محمد مروان مراد   المتاحف.. بقلم: عدنان الأبرش   الحكمة الصينية.. ترجمة الدكتورة ماري شهرستان   تصميم المقررات التعليمية عبر الإنترنت.. بقلم: علا ديوب   ظاهرة متفاقمة في عالمنا المعاصر: التلوث الصوتي (الضوضاء).. بقلم: عصام مفلح   كيف نتلافى الغضب أمام أطفالنا.. بقلم: سبيت سليمان   الجولان بين الاحتلال ونهب الآثار.. دراسة أثرية وتاريخية.. إعداد: ياسر حامد الأحمد   فاغنر، العبقري الذي فَلْسف الموسيقى .. بقلم: د. علي القيّم   لا بعد ثالثاً في الفن الإسلامي ولا اسم للفنان المبدع .. بقلم: ممدوح قشلان   استخدام التكنولوجيا صديقة للبيئة للتحكم في انبعاث الملوثات..إعداد د. محمد سعيد الحلبي   الفرن الذي بداخلنا.. إعداد: د.سائر بصمه جي   آفاق العلم والخلايا الجذعية.. إعداد: رياض مهدي   الكيمياء الحيوية واستقلاب السكريات.. إعداد: محمد عبدو قهوه جي   مَلِكُ الثـِّقَابِ (إيفار كروغر وفضيحة القرن المالية).. ترجمة: د. خضر الأحمد   دور الجمعيات الفكرية والعلمية في الأزمات الوطنية.. بقلم: د.نبيل طعمة   التحنيط من ماضيه إلى حاضره..إعداد: نبيل تللو   جغرافية البشر ..الإنسان .. خفة لا تحتمل .. وثقل بلا حدود .بقلم: الدكتور نبيل طعمة   الغبار بين المنافع والأضرار.. إعداد: د.سائر بصمه جي   الفيتامينات عناصر غذائية أساسية متوفرة في الطبيعة   القرآن يعلمنا أدب الحوار .. إعداد: إبراهيم محمود الصغير   تينبكتو: أسطورة الصحراء تنفض غبار الماضي وتعود لتواصل عطاءها الحضاري   العفويّة الأنثى جداً؟!؟ والعفوية المتوحشة؟!؟ (2-2) .. بقلم: حسين عبد الكريم   كيف نبني طلابنا: بالمعارف أم بالكفاءات(1)؟ ترجمة الدكتورة ماري شهرستان(3)   تدهور مستوى المهنة الطبية.. د. صادق فرعون   الشباب العربي إلى أين؟ ( بين الواقع والطموح).. د. موفق دعبول   التكاثر تقسيم.. بقلم: د.نبيل طعمة   الموسيقى.. منها ما كان شافياً ومنها ما كان قاتلاً.. د. علي القيّم   خام الزيوليت.. وجوده في سورية.. إعداد: منذر ندور   الصوت وخصائصه "اختراق جدار الصوت"   دور الإرشاد في تعديل السلوك.. بقلم: سبيت سليمان   البطاطا.. هل يمكنها إنقاذ العالم من الجوع؟   العمارة العربية الإسلامية ..خصائصها وتطورها عبر العصور..إعداد: د. عبد القادر الريحاوي   لماذا بعد العام 2000؟ .. بقلم: د. اسكندر لوقـا   تغيير المستقبل.. بقلم: الدكتور نبيل طعمة   علم أسماء الأماكن وإشكالات تطبيقه في لغتنا العربية   الفستق الحلبي..التذوق الفني التراثي لسكان بلاد الشام ما يزال حياً برغم آلاف السنين   معالجة مياه الصرف الصحي والنفايات وأهميتها على منظومة الإنسان الصحية والبيئية   «غوتيه: شاعر الإنسانية المرهف».. بقلم: إبراهيم محمود الصغير   الحرية المالية وأدوات بناء الثروة ..الجزء الثاني ..بقلم :إيفلين المصطفى   العفويّة الأنثى جداً؟!؟ والعفوية المتوحشة؟!؟ (1-2).. بقلم: حسين عبد الكريم   التوحد والصحة الإنجابية..فجاجة الوالدين والأم الثلاجة سبب للإصابة بالتوحد الطفولي   التراث الثقافي اللامادي في سورية..الحرف التقليدية وطرق توثيقها   الهدايا: رسائل عشق خالدة .. مدن مترفة، ومعابد شامخة، ومجوهرات نفيسة .. كرمى لعيون المحبوبات الفاتنات   ذوبان الثلوج القطبية يهدد الكائنات الحية على كوكب الأرض   ثروة الأمم الأهم:الموهوبون – التجربة السورية.. نبيل تللو   بابل وماري وخفايا حمورابي .. بقلم: د.علي القيّم   البارود المتفجر والأسلحة النارية والمدفعية في عصر المماليك (648-923 هـ = 1250-1517م)   الجسيمات الأولية في رؤية معاصرة   بارقة أمل: فنزويلا .. بقلم: د. اسكندر لوقـا   لَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بهَا (قصةٌ ماليّةٌ حقيقيّةٌ مثيرةٌ) ..بقلم: هاري مارك بولوز   التطور القانوني لجرائم المخدرات.. الدكتور عبود علوان منصور   مسؤولية المجتمع الأهلي في الأزمات – د.نبيل طعمة   الجدران الصامتة - بقلم: الدكتور نبيل طعمة   بغداد: عاصمة الثقافة العربية عام 2013 ..دار السلام والمجد: رفَعت راية الحضارة، وأنارت الدنيا بالعلوم والآداب طوال قرون.. بقلم: محمد مروان مراد   الحجامة.. "خير ما تداويتم به" .. عصام مفلح   أصول التفاح لعلاج أمراضه.. ترجمة محمد الدنيا   التجليات الصوفية في شعر د.زكية مال الله .. إعداد: عبد اللطيف الأرناؤوط   دورا أوروبوس.. إعداد: وفاء الجوابرة   البدانة ظاهرة مرَضية متفاقمة ..لا للإفراط في تناول الطعام.. والخلود للكسل والراحة.. إعداد: محمد عبدو قهوه جي   الوسواس القهري وأنموذج الشخصية ..عبد الباقـي يوســـف   السيارات الصديقة للبيئة ودور وزارة النقل في دعم انتشارها محلياً   التعلّم الإلكتروني..علا ديوب   قرطاج ..المهندس ملاتيوس جبرائيل جغنون   طُرق ترميم ومعالجة الرُّقُم الطينية..إعداد: نانسي بدرة   تأثير الحرب على المجتمعات ..جان- فانسان اولندر   ماضي الجيولوجيا وحاضرها في سورية .. بقلم: منذر ندور   التبغ في التراث العربي.. بقلم: الدكتور محمد ياسر زكّور   أبو الطيب المتنّبي ..مسافر زاده الخيال.. بقلم: د. علي القيّم   لماذا هزيمة العُرابيين؟..بقلم د. اسكندر لوقا   أبحث عن شيء - د.نبيل طعمة   الجراحة الافتراضية.. بقلم: د.سائر بصمه جي   عالم مادي - بقلم: الدكتور نبيل طعمة   مجلة الباحثون العدد 68 شباط 2013   المحطة الأولى - لولا فسحة الأمل   غــيــوم الــســمــاء - بقلم الــدكــتــور نــبــيــل طــعــمــة   رحلة النقود عبر التاريخ - وهدان وهدان   لماذا..الهيكل!؟ - الدكتور نبيل طعمة   الحرب حرب..بقلم د. اسكندر لوقا   سـيروس (النبي هوري):بوابة سوريـة الشمالية.. حضارتها غنية ومسرحها من أكبر مسارح الشـرق - علي القيم   العدد في الحضارات المختلفة - د. موفق دعبول   موجات غير مألوفة - المهندس فايز فوق العادة   القدس بين العهدة العمرية والصهيونية الباغية - * المحامي المستشار: أكرم القدسي   هجرة بني البشر: أسبابها وأشكالها ونتائجها - إعداد: نبيل تللو   المنحى التكاملي في تدريب المعلمين - علا ديوب   المسرح البريختي والتغريب- إبراهيم محمود الصغير   صُنع في الفضاء - د. سائر بصمه جي   حرفة المحتسب في العصر العباسي - محمد فياض الفياض   سواتل خطرة على الأرض - ترجمة محمد الدنيا   منجزات الثورة التقنية الإلكترونية المعاصرة* محمد مروان مراد   غابرييل غارسيا ماركيز من محلية كولومبيا إلى رحابة العالم- عبد الباقي يوسف   التربية والتنمية المستدامة وعلاقة ذلك بالبيئة - د. عبد الجبار الضحاك   من الشاي إلى الكيوي..من أين جاءت؟ وكيف وصلت إلى أطباقنا؟- محمد ياسر منصور   أخطر عشرة مخلوقات   هل مات الشعر؟!- د. علي القيّم   تقرأوون في العدد 67 من مجلة الباحثون العلمية الشهرية   المحطة الأولى - المكتبات الرقمية   الــزيــتــون والــزيــت بــقــلــم الــدكــتــور نــبــيــل طــعــمــة   البحر في القرآن - إبراهيم محمود الصغير   الــشــرطــة الــفــكــريــة - د.نــبــيــل طــعــمــة   الإعلام وتأثيره في ثقافة الطفل - سبيت سليمان   البحث ما زال مستمراً عن الأصول الآرامية - د.علي القيّم   التعاطي السياسي في وطننا العربي مابين المعرفة والانفعال - د. مرسلينا شعبان حسن   الحركة التشكيلية السورية... البداية والتطور البداية والتطور - ممدوح قشلان   دراسة تحليلية وتقييمية لخام الكبريت الطبيعي المكتشف في سورية - منذر نـدور   رحلة إلى كوكب عطارد لم يحدث قبلاً أن أخذت مركبة فضائية مداراً لها حول كوكب عطارد لكن هذا الأمر لن يطول كثيراً - ترجمة: حازم محمود فرج   القدس في خريطة مادبا والوثائق التصويرية التاريخية - المهندس ملاتيوس جبرائيل جغنون   دور المنهج الخفي في مدارسنا - وسيم القصير   الجريمة - ترجمة وإعداد الدكتورة ماري شهرستان   بيمارستانات الشام أرقى وجوه الحضارة العربية الإسلامية العرب رسل الخير والمحبة، وروّاد العلم والإبداع الإنساني - زهير ناجي   أخطاء النساء في كتاب الجسد المرأة كيف تعرف عشقها؟- حسين عبد الكريم   بصمات عربية دمشقية في الأندلس - غفران الناشف   عبارتان بسيطتان تختصران أعظم منجزين علميين في تاريخ البشر - محمد مروان مراد   عندما يرتقي الإنسان في درجات الفضيلة - عبد الباقي يوسف   الصدق والصراحة في السيرة الذاتيّة - مها فائق العطار   الزلازل تصدُّع القشرة الأرضية - ترجمة محمد الدنيا   المحميات الطبيعية ودورها المهم في الحفاظ على البيئة واستدامتها – سورية نموذجاً - إعداد: نبيل تللو   الفكاهة والظرف في الشعر العربي الساخر - نجم الدين بدر   مشاهدة المواقع الإباحية عند العرب تفريغ نزوة ... أم شيء آخر؟! - د. سائر بصمه جي   ما هو الإسعاف الجوي؟ - محمد حسام شالاتي   حِكم من «المثنوي» - د.علي القيّم   جــان دارك وأســلــحــة الــدمــار الــــشــامــل بــقــلــم الــدكــتــور نــبــيــل طــعــمــة   المؤشِّر والمعيار والمقياس والفرق بينهما - د. نـــبــيــل طــعــمــة   عــيــن واحــدة بــقــلــم الــدكــتــور نــبــيــل طــعــمــة   الــوهــابــيــة إمبــراطــوريــة ظــلامــيــة.. تعيش في الظلام - الدكتور نبيل طعمة   السّكن والسّكينة والسّاكن - بقلم الدكتور نبيل طعمة   الدين المحمدي - د. نبيل طعمة   جماليات التراث وأثره في بناء الأمة - أ‌. د. حسين جمعة   إقرأ في العدد 58 من مجلة الباحثون العلمية الشهرية   الحبُّ في التعريف.. في التصريف.. في المآل بــقلــم الدكتور نــبــيــل طــعــمــة   الــعــالــم الــثــالــث - د. نــبــيــل طــعــمــة   إقرأ في العدد 57 من مجلة الباحثون العلمية الشهرية   الأســاس بــقــلــم الــدكــتــور نــبــيــل طــعــمــة   الإنسان والروح والتاريخ - الــدكــتــور نــبــيــل طــعــمــة   إقرأ في العدد 56 من مجلة الباحثون العلمية الشهرية   الــكــاف والــنــون.. وكــيــنــونــة الــكــون - د.نــبــيــل طــعــمــة   رومــــا والـــشـــرق - د. نــــبــــيــــل طــــعــــمــــة 
http://albahethon.com/?page=show_det&id=1022
http://www.http://albahethon.com/?page=show_det&select_page=51&id=1495
http://albahethon.com/book/
http://www.albahethon.com/?page=show_det&id=1445
http://albahethon.com/book/
http://www.
http://albahethon.com/?page=show_det&id=1253
http://www.
http://www.albahethon.com/?page=show_det&id=1231
http://www.albahethon.com/?page=show_det&id=1187
http://albahethon.com/?page=show_det&id=1047
http://albahethon.com/?page=show_det&select_page=48&id=680
http://www.albahethon.com/?page=show_det&select_page=51&id=1001
http://www.albahethon.com/book/
http://www.albahethon.com/book/
http://www.albahethon.com/book/
http://www.albahethon.com/book/
http://www.albahethon.com/book/
http://www.albahethon.com/book/
http://www.
http://www.
http://www.albahethon.com/book2012/index_s.html
http://www.albahethon.com/book2012/index.html

إقــرأ الـعـدد الـجـديـد مـن مــجــلــة الــبــاحــثــون الــعــلــمــيــة خبر عاجل
الإثنين  2014-01-13 | الأرشيف مقالات الباحثون
الحقيقة المعتّم عليها بين ابن خلدون وعمالقة الغرب .. بقلم: د. عمار محمد النهار
الحقيقة المعتّم عليها بين ابن خلدون وعمالقة الغرب .. بقلم: د. عمار محمد النهار

إن المرء ليعجب كيف أن أمة أنجبت مفكراً من أروع ما أنتجته الإنسانية ثم تطمس هذه الأمة معالمه، ولا يُترك وراءه من يأخذ بآرائه ولا أتباعاً يواصلون طريقه، كما هو الحال عند جميع المفكرين الذين خلقوا ثورة أو وضعوا بذور ثورة علمية في كل العصور وعند كل الأمم. لقد كان لأفلاطون وأرسطو أتباع كما كان لديكارت وكومت وماركس أتباع ومدارس سايرت مذاهبهم وطورتها.
أما ابن خلدون (ت 1406م = 808هـ) فلم يترك أتباعاً اللهم إلا المقريزي وبعض المفكرين، ولكن خطتهم زالت بموتهم، ولم يكتب بذلك لآراء ابن خلدون أن تتطور وتزداد قيمة، ولعل هذا ما أدى بالأستاذ (دي بوير) أن يقول: «لقد سار أمل ابن خلدون من دون أن يخلفه من يتم بحثه... فكما أنه كان دون سلف فكذلك بقي دون خلف».
وهنا؛ كان إهمالنا الغريب لعالمنا مدة أربعة قرون سبباً في أخذ كثير من علماء الغرب أفكاره ونسبها لأنفسهم ظلماً وبهتاناً، واكتمل تقصيرنا بحق عالمنا حين لم نحرك ساكناً أمام هذه السرقات، وهنا أردت أن أبعث هذه القضية علّنا نعوّض هذا التقصير المريب، فلو عورضت أفكار ابن خلدون بآراء علماء أوربة من القرن الخامس عشر إلى القرن العشرين الميلاديين فسنجد أن هذه الآراء نفسها تنطبق على ما عند ابن خلدون، وبان لك فضل فيلسوفنا عليهم أجمعين.
فإذا قسنا - مبدئياً قبل الدخول إلى التفاصيل- سائر المؤرخين في الشرق والغرب بابن خلدون، لم نعِد الحق ولم نبالغ إذا جعلناه مؤسس علم التاريخ في العالم كله، حتى إن الذين جاؤوا بعده من أمثال (جان بودان الفرنسي: ت 1596م = 1005هـ) و(جيوفاني باتيستا فيكو الإيطالي: ت 1744م = 1157هـ) من الذين يحب الغربيون أن يعزوا إليهم فضل تأسيس علم التاريخ، قد قصروا عنه تقصيراً عظيماً، هذا مع أن فيكو جاء بعد ابن خلدون بثلاثمئة عام تقريباً، ومع ذلك لم يستطع أن يتحرر من الخرافات والأوهام التي نبّه ابن خلدون عليها وحذّر من الوقوع فيها.
أما (مونتسكيو: ت 1755م = 1169هـ) الذي جاء بعد ابن خلدون بثلاثمئة وخمسين عاماً فقد اشتهر بكتابه «روح القوانين» الذي يتناول «الدولة» بأوسع معانيها: فإنه يبحث في القوانين ووصفها وفي أشكال الحكومات وفي الضرائب وفي صلة القوانين بالبلاد وبالشعوب التي تسكنها.
يقول ساطع الحصري: إن بحوث «روح القوانين» التي تتعلق بفلسفة التاريخ تجتمع حول نقطتين هامتين، أولاهما: نظرية تأثير الطبيعة والإقليم في طبائع الأمم وسير التاريخ، وثانيهما: نظرية تأثير الأحوال الاقتصادية في الوقائع التاريخية، أما النظرية الأولى فعرفها العلماء والفلاسفة منذ أيام اليونان، ولا مجال للكلام على سبق مونتسكيو إليها، أما المسألة الثانية فقد كان الغربيون يعتقدون أن مونتسكيو هو مبتدعها، ولكن البحث الحقيقي دل على أن ابن خلدون قد وفاها حقها قبل مونتسكيو بثلاثة قرون ونصف القرن.
وامتاز ابن خلدون عن (فيكون) في مجرى تاريخ الأمم وتطوراتها بأنه كان موضوعياً.
ووجه الشبه بينه وبين (جان جاك روسو) واضح من حيث الإيمان الشديد بحياة التقشف.
وبينه وبين (نيتشه) تشابه جلي في نظرية الحق للقوة.
       ولابن خلدون لمحات لتفسير الظواهر السياسية بالعامل الاقتصادي، وسبق علماء الاجتماع بالدخول إلى صلب الظاهرة وتقسيمها إلى أجزاء بقصد دراستها، ولم يكن رائداً في علم الاجتماع السكوني (الساكن)، بل هو رائد في علم الاجتماع  الحركي (الديناميكي)، بدليل أنه لم يدرس المدن الفاضلة، بل المدن القائمة، ووازن بين ما كان وما صار.
ويتناول ابن خلدون  موضوع الدولة والملك بإفاضة، ويبحثه من نواح أوسع وأبعد مدى، ويتفوق على ميكافيلي تفوقاً عظيماً في معالجته من الناحية الاجتماعية، ويلتقي المفكران العظيمان في مواطن كثيرة، مثال ذلك ما يقوله ابن خلدون في فاتحة مقدمته عن قيمة التاريخ في درس أحوال الأمم، ثم أقواله عن آثار البطش والسياسة العاسفة في نفوس الشعب، وعن خِلال الأمير وتطرفه أو توسعه فيها، وعن حماية الدولة وأعطيات الجند، وعن منافسة الأمير للرعية في التجارة والكسب، وعن تطلع الأمير إلى أموال الناس، وأثر ذلك في حقد الشعب عليه، وعن تطرق الخلل إلى الدولة، وامتداد يد الجند إلى أموال الرعية، وكذا ما يقوله عن كَتبة (أمناء) السلطان، فهذه كلها نقاط أو موضوعات يعالجها ميكافيلي أو يقترب منها، سواء في كتابه الأمير، أو في كتاب آخر له هو تاريخ (فيرنتزا) تتخلله تأملات فلسفية واجتماعية كثيرة.
وقد لا يتفق ميكافيلي مع ابن خلدون في الرأي أو في منحى التفكير دائماً، ولكن كثيراً مما يقوله المفكر المسلم يتردد صداه فيما يقوله المفكر الإيطالي، فابن خلدون هو بحق أستاذ هذه الدراسة السياسية الاجتماعية التي تناول ميكافيلي بعده بنحو قرن بعض نواحيها، وهو بالأخص صاحب الفضل الأول في فهم الظواهر الاجتماعية، وفي فهم التاريخ وحوادثه وتعليلها، وترتيب القوانين الاجتماعية عليها بهذا الأسلوب العلمي الفائق.
قال العلّامة الاجتماعي جمبلوفتش: «إن فضل السبق يرجع بحق إلى العلّامة الاجتماعي العربي ابن خلدون فيما يتعلق بهذه النصائح التي أسداها ميكافيلي بعد ذلك إلى الحكام في كتابه (الأمير)، وحتى في هذه اللحظة الطريفة الجافة لبحث المسائل، وفي صبغتها الواقعية الخشنة، كان من المستطاع أن يكون ابن خلدون نموذجاً للإيطالي البارع». وقال (استفانو كلوزيو) مقارناً ابن خلدون بميكافيلي:«إذا كان الفلورنسي العظيم ميكافيلي يعلمنا وسائل حكم الناس، فإنه يفعل ذلك كسياسي بعيد النظر، ولكن العلامة التونسي ابن خلدون استطاع أن ينفذ إلى الظواهر الاجتماعية كاقتصادي وفيلسوف راسخ، مما يحمل بحق على أن نرى في أثره من سمو النظر والنزعة النقدية ما لم يعرفه عصره».
وقد يتساءل أحدنا، هل وقف المفكر الإيطالي على شيء من تراث ابن خلدون واسترشد به، أم وقف على شيء من آثار المفكرين المسلمين في موضوع السياسة الملكية وانتفع بها، وخاصة إذا ما أضفنا إلى الأفكار السابقة فكرة الشبه الجلي بين ابن خلدون وبين ميكافيلي في دراسات السلطة والحكومات والإمارات، والأساليب التي يجب اتباعها في الحكم؟؟. يقول صاحب كتاب «ابن خلدون و ميكافيلي»: «حين نقرأ مؤلفات ابن خلدون وميكافيلي نقع على أقوال متماثلة لن نحصيها هنا إحصاءً كاملاً فهي كثيرة جداً». فعند حديثه عن التجزيئية يقول: «أتينا على ذكر بعض الأمثلة حيث تتوافق أحكام ميكافيلي وابن خلدون وربما يكون من السهل إيراد الكثير منها». وفي عنوانه: حضور أرسطو، يقول: «منذ البداية نوفر على أنفسنا مشرَحين أولهما تأثير ابن خلدون الخفي على ميكافيلي نظراً لأن ميكافيلي متأخر عن ابن خلدون، وثانيهما المصادفة المحضة». وفي حديثه عن النظرية الدورية يقول: «نصل إلى نظرية الأدوار المنتشرة جداً في الأدبيات التاريخية السياسية القديمة، التي تعد بمثابة الجزء الفلسفي الممتاز في كل عمل من أعمال ذلك العصر، إن نظرية كهذه موجودة عند ابن خلدون وميكافيلي على حد سواء». وفي حديثه عن الواقعية والاستقطابية يقول: «إن الخطوة الحاسمة التي خطاها ابن خلدون وميكافيلي كل في إطار تراثه الثقافي الخاص، هي الرفض الشامل والمطلق للطوبى ( اليوتوبيا: اللامكان )».
ويبدو أن هذه المتشابهات إن لم تكن متطابقات، هي التي حفّزت المفكر غريبرغ وآخرون أن يفترضوا أن نيقولا ميكافيلي كان مطلعاً على التعاليم الاجتماعية لابن خلدون.
ونأتي إلى موضوع كبير وعملاق هو: فلسفة التاريخ، ونستطيع أن نقول: إن البذور الأولى لفلسفة التاريخ قد ظهرت في الكتب الباحثة عن «السياسة المدنية»، لأن كل نظرية سياسية تستند بطبيعتها - ضمناً أو صراحة - إلى نظرية طبائع الأمم والدول وفي شروط تقدمها وكيفية تطورها. وإن تعبير «فلسفة التاريخ» انتشر كثيراً في مؤلفات النصف الأول من القرن التاسع عشر، غير أن استعماله أخذ يقل منذ النصف الثاني من القرن المذكور.
وهنا نقول: إن مقدمة ابن خلدون من نوع المؤلفات التي عرفت في أوربا باسم «فلسفة التاريخ» في القرن الثامن عشر، وباسم «علم التاريخ» أو «المدخل إلى التاريخ» في القرن التاسع عشر، وفي الواقع إنها تتضمن في الوقت نفسه آراء ومباحث ونظريات اجتماعية هامة، فيجب أن نعدّها من هذه الوجهة من نوع المؤلفات المتعلقة بـ «الفلسفة الاجتماعية» وبـ «علم الاجتماع» أيضاً.
لقد جمع المفكر ساطع الحصري - بعد جهد كبير واضح - على التقريب أهم المؤلفات التي تتعلق بفلسفة التاريخ مباشرة، فوجدها قد كُتبت بعد ظهور مقدمة ابن خلدون، ومنها:
ـ الأمير ( سنة 1520م = 927هـ) لميكافيلي الإيطالي.  - الجمهورية (سنة 1557م = 965هـ) لجان بودن الفرنسي. - خطب في التاريخ العام ( سنة 1681م = 1092هـ) لبوسسوئة الفرنسي. - الحكومة المدنية ( سنة 1690م = 1102هـ) لجان لوك الانكليزي. - العلم الجديد ( سنة 1725م = 1138هـ) لجان باتيستا فيكو الإيطالي. - روح القوانين ( سنة 1748م = 1162هـ) لمونتسكيو الفرنسي. - خطب في السوربون ( سنة 1750م = 1164هـ) لتورغو الفرنسي. - طبائع الأمم وفلسفة التاريخ سنة ( 1756م = 1170هـ) لفولتير الفرنسي. - تاريخ المجتمع المدني ( سنة 1765م = 1179هـ) لفركوسن الانكليزي. - آراء فلسفية في تاريخ البشرية ( سنة 1772م = 1186هـ) لهردر الألماني.
والآن لنقارن قليلاً بين أفكار بعض علماء الغرب هؤلاء، والذين نُسبت إليهم الريادة في علم فلسفة التاريخ وعُدّوا من عمالقة العلم عبر تاريخ الإنسانية، لنقارنها مع عالمنا ابن خلدون الذي عاش قبلهم جميعاً بقرون. وهنا سأقارن عالِمَين فقط من هؤلاء العلماء مع ابن خلدون لضيق المساحة المخصصة لهذا المقال، وهما: فيكو ومونتسكيو.
فلو قارنّا مقدمة ابن خلدون مثلاً مع كتاب (جواني باتيستا فيكو: ت 1744م = 1157هـ) «العلم الجديد»، فسيتبيّن لنا أن ابن خلدون قد أدرك قضية تعضّل الحوادث الاجتماعية وتعقّد الوقائع التاريخية حق الإدراك، فحاول أن يلمّ بجميع العوامل المؤثرة فيها، وبحث عنها بمقياس واسع جداً، شمل بناء المجتمع وطراز المعيشة أيضاً. في حين إن أبحاث فيكو لم تخرج كثيراً عن نطاق الأدوار الثلاثة المروية منذ القرون الأولى، - وأشكال الحكومات  الثلاث - المقررة في كتب السياسة منذ عهد اليونان - ولم يلتفت إلى بناء المجتمع، ولا إلى وسائط المعاش. ويتبيّن من تفاصيل أبحاث الطرفين أن ابن خلدون يتفوق على فيكو تفوقاً كبيراً من حيث شمول النظر، ونزعة العمق، وطريقة البحث والاستقراء، ويقترب من طرائق الأبحاث العلمية الحديثة بوجه عام، وطرائق الأبحاث التاريخية والاجتماعية بوجه خاص، اقتراباً واضحاً.
ومما يجدر بالملاحظة في هذا الصدد أننا قمنا بهذه المقارنات من غير أن ننبه إلى تواريخ كتابة الكتابين، أما إذا أخذنا فرق الزمن أيضاً بنظر الاعتبار، فإننا نضطر إلى التسليم بأن رجحان كفة ابن خلدون في ميزان المفاضلة يصبح أكثر بروزاً وأشد بداهة.
إذ من المعلوم أن مقدمة ابن خلدون كُتبت سنة 779هـ = 1377م، في حين أن العلم الجديد نشرت سنة 1725م = 1138هـ، وذلك يعني أن المقدمة أقدم من العلم الجديد بـ 348 سنة، ومما يجب ألا يغرب عن البال أن هذه القرون الثلاثة والنصف التي مرت بين كتابة الكتابين كانت من أخصب القرون في تقدم الفكر البشري، وأغناها في الانقلابات الفكرية والعلمية الأساسية، ذلك لأنه في هذه المدة حدثت حركة الانبعاث في أوربا، وتم اكتشاف أمريكا واختراع الطباعة، كما تم الطواف حول العالم، واختراع التلسكوب.. فتوسعت بذلك آفاق المعارف الإنسانية توسعاً هائلاً، وفي خلال هذه المدة نشأ «ديكارت، وبيكن، وكبلر، ونيوتن »، فانقلبت طرائق التفكير والبحث انقلاباً كلياً، وتعبّدت طرق الأبحاث العلمية.
فمن أعظم الأمور المشرّفة لابن خلدون: أنه سار سيراً علمياً في تفكيره قبل حدوث الانقلابات الفكرية التي أشرنا إليها، في حين أن فيكو ظل بعيداً عن مسالك التفكير العلمي مع أنه عاش وكتب بعد الانقلابات العظيمة التي ذكرناها آنفاً.
إن روبرت فلينت (أحد كبار فلاسفة أوربا، وقد وضع كتاباً شاملاً في فلسفة التاريخ بعنوان «فلسفة التاريخ في فرنسا وألمانيا») قد قال: «إن حق ابن خلدون في ادّعاء شرف التسمية باسم مؤسس علم التاريخ أو فلسفة التاريخ، أثبت وأقوى من حق كل كاتب سبق فيكو». وأقول: إن حق ابن خلدون في هذا المضمار أقوى وأثبت من حق فيكو نفسه أيضاً، وذلك ليس لأنه كان أقدم منه كثيراً فحسب، بل لأنه كان أقرب إلى الروح العلمية الحديثة، على الرغم من هذه الأقدمية أيضاً.
ونأتي إلى ابن خلدون ومونتسكيو، فمونتسكيو من أشهر رجال الفكر والقلم الذين نبغوا في فرنسا في القرن الثامن عشر (مات في باريس سنة 1755م = 1169هـ). ومن الضروري أولاً الإشارة إلى حكم العالم الحاضر على آراء مونتسكيو، فلقد حدد مونتسكيو مفهوم «الإقليم» بحدود ضيقة، لأنه حصره في شدة الحرارة والبرودة تقريباً، كما أنه بالغ مبالغة كبيرة جداً في تأثير ذلك في أحوال الأمم، وقد فاته أن الإنسان يقاوم تأثير الحرارة والبرودة، بـ «تكيف فسيولوجي طبيعي» من جهة «وتكيف اجتماعي اصطناعي» من جهة أخرى. فإن النوع الأول من التكيف يتم بردود الأفعال الحياتية بتقلص وانبساط الأوعية الدموية المحيطة، وبتزايد أو تناقص الإفرازات العرقية تبعاً لحالة الحرارة الخارجية، أما النوع الثاني من التكيف، فيحدث بتنويع وتنظيم الأغذية والملابس والمساكن حسب مقتضيات الحرارة.
 فقد أخطأ مونتسكيو خطأً عظيماً عندما سها عن ملاحظة الحقائق الراهنة، وتوسع كل هذا التوسع في تقدير مبلغ الحرارة في طبائع الأفراد والجماعات، وأوصل المغالاة في هذا المضمار إلى حد الادّعاء بأن النظم الاجتماعية والسياسية والنزعات الدينية والمذهبية وكثيراً من الأمور الأخلاقية أيضاً تتبع الإقليم بوجه عام، ودرجة الحرارة والبرودة بوجه خاص.
إن جميع الأبحاث التي قام بها علماء التاريخ والاجتماع منذ عهد مونتسكيو إلى الآن اتجهت اتجاهاً يخالف المزاعم المذكورة بوجه عام، لأنها دلت دلالة قطعية على أن تفشي الجرائم، وإدمان المسكرات، وطغيان الشهوات... من الأحوال الاجتماعية المعضلة التي تتبع عوامل كثيرة فتختلف لذلك اختلافاً كبيراً في الإقليم الواحد بين سكان المدن والأرياف، وفي المدينة الواحدة بين الطبقات الغنية والفقيرة، وفي الطبقة الواحدة بين معتنقي المذاهب والديانات، كما أنها تختلف في كل ذلك بين عهد وعهد، وبين قرن وقرن، فتعليل مثل هذه الأمور الاجتماعية المعضلة بتأثير الإقليم والحرارة مما لا يدل على فهم صحيح للحقائق الاجتماعية.
أما تأسس نظم الاجتماع والحكم، وانتشار الديانات والمذاهب، ونشوء نزعات السلم والحرب، فهي من الحادثات التي تتبع سلسلة طويلة ومتشابكة من الوقائع التاريخية، والعوامل الاقتصادية، والتطورات الفكرية والاجتماعية. وإن تعليل وتفسير مثل هذه الحوادث التاريخية والاجتماعية المعضلة، بالعوامل الطبيعية البسيطة مثل درجة الحرارة، والعرض الجغرافي، وخصوبة الأرض، مما لا يتفق مع حقائق العلم الحديث واتجاهاته أبداً.
وإذا أمعنّا النظر ورجعنا إلى مقدمة ابن خلدون على ضوء ما ذكرناه آنفاً، وجدنا أنها كانت أكثر فهماً للحقائق الاجتماعية، وأشد تمشياً مع مناحي الأبحاث العلمية. وإن ابن خلدون أيضاً قال بتأثير الإقليم والطبيعة في أخلاق الإنسان وطبائعه، ولكنه لم يغال في هذا المضمار كما غالى مونتسكيو، فلم يقع في الأخطاء التي وقع فيها هذا المفكر المشهور.
إن مطالعة تلك الدراسة - ومقارنة الآراء المذكورة فيها بالنظريات المسرودة آنفاً ً- يظهر بوضوح أعظم: أن ابن خلدون كان أقرب إلى فهم « طبيعة الحياة الاجتماعية» وإلى إدراك «روح التاريخ وفلسفته» من مونتسكيو بدرجات، على الرغم من أنه كان قد عاش وفكر وكتب قبله بمدة طويلة تقرب من أربعة قرون.
ولا أجد - في نهاية المطاف مع إبداعات ابن خلدون - إلا أن أنقل بعض شهادات غربية لعمالقة التاريخ والفلسفة فيه، فللأمانة هم أنصفوه، في حين أن العرب والمسلمين ظلموه، يقول دي بوير الأستاذ بجامعة أمستردام: « ولقد سارت آمال ابن خلدون في طريق التحقيق، ولكنها لم تتحقق على أيدي المسلمين، وكما أنه لم يُسبق إلى ابتكار موضوعه، فكذلك لم يجد من يخلفه في أبحاثه، ومع هذا فإن كتابه أثّر في الشرق زماناً طويلاً، وكثيراً من ساسة المسلمين الذين قضوا على آمال كثيرين من ملوك أوربا وساستها منذ القرن الخامس عشر كانوا ممن قرأ لابن خلدون وتخرج في كتبه».
 و قال الفيلسوف الإنجليزي الشهير آرنولد توينبي عن مقدمة ابن خلدون: «إنها أعظم كتاب من نوعه يمكن لأي إنسان أن يؤلفه في أي زمان ومكان».
ويقول (جاك ريسلر) في كتابه الحضارة العربية: «وينبغي أن ننوه هنا بابن خلدون والذي يمكن المرء أن ينظر إليه على أنه أكبر مؤرخ في الإسلام، وأحد العظماء في جميع العصور، فقد عرض ابن خلدون للمرة الأولى في مقدمته لدراسة التاريخ بنظرية الواقع التاريخي الذي يأخذ في اعتباره المعلومات الطبيعية في الجغرافيا وفي المناخ كما يأخذ في الاعتبار القوى الأخلاقية والروحية، وهو أول من بحث وصاغ القوانين التي يخضع لها تطور الشعوب وعظمتها وسقوطها، وأبان المعنى الحقيقي للتاريخ، وبدون شك لم يكن لدينا من هذا المعنى الحقيقي للتاريخ مفهوم واضح كل الوضوح، وقد أوضح المستشرقون الأوربيون في القرن التاسع عشر نظرياته المبتكرة عن تطور المجتمعات».

قسم التاريخ – جامعة دمشق
Pro-alnahar@hotmail.com



الحواشي
اعتمد هذا البحث على المصادر والمراجع التالية: ابن خلدون (عبد الرحمن): تاريخ ابن خلدون مع المقدمة، ضبط وحواشي خليل شحادة، بيروت، دار الفكر، ط2، 1988م. الحصري (ساطع): دراسات عن مقدمة ابن خلدون، دار المعارف، مصر، 1953م، ص171- 259. ابن خلدون: المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة، ط2، 1953م، ص116 وما بعد. طالب (محمد سعيد): ابن خلدون رائد الفكر الحديث، الأهالي للطباعة، دمشق، ط1، 2001م، ص153 وما بعد. بول (غاستون): ابن خلدون، فلسفته الاجتماعية، تر عادل زعيتر، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط2، 1984م، ص45 ـ 130. الصغير (ابن عمار): التفكير العلمي عند ابن خلدون، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر. المحامي (محمد كامل): ابن خلدون العبقري الذي ظلمه العرب و أنصفه الغربيون، بيروت، المكتب العالمي، 1985م، ص25 - 109. العاني (نمير): ابن خلدون وبداية التفسير المادي للتاريخ، الهمداني للطباعة، عدن، ط1، 1984م، ص5 -57.ابن خلدون بطل علم التاريخ: دار العودة، بيروت،ط1، 1974م، ص87 - 95. العروي (عبد الله): ابن خلدون وميكافيلي، تر خليل خليل، دار الساقي، لندن، ط1، 1990م، ص9 -44.  فروخ (عمر): عبقرية العرب في العلم و الفلسفة، المكتبة العصرية، بيروت، ط4، 1980م، ص190 - 212. ريسلر (جاك): الحضارة العربية، تر غنيم عبدون، الدار المصرية للترجمة والنشر، ص167. مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 329، تموز 7/2006م.

 



المصدر : الباحثون العدد 72 -73 حزيران وتموز 2013
إرسال لصديق طباعة إضافة تعليق
عدد القراءات : 16000


هل ترغب في التعليق على الموضوع ؟
الاسم :
الدولة :
عنوان التعليق :
عدد الأحرف المسموح بها 500 حرف نص التعليق :
http://albahethon.com/?page=show_det&id=1070
http://www.http://albahethon.com/?page=show_det&id=1698
http://www.albahethon.com/?page=show_det&select_page=51&id=1556
http://www.albahethon.com./?page=show_det&id=1472
http://albahethon.com/?page=show_det&id=1420
http://albahethon.com/?page=show_det&id=1374
http://www.albahethon.com/?page=show_det&id=1350
http://www.albahethon.com/?page=show_det&select_page=49&id=1326
http://www.albahethon.com/book/
http://www.albahethon.com/?page=show_det&select_page=51&id=1275
http://www.albahethon.com/?page=show_det&id=1208
http://albahethon.com/?page=show_det&select_page=51&id=1165
http://www.albahethon.com/?page=show_det&id=1140
http://albahethon.com/?page=show_det&id=1119
http://albahethon.com/?page=show_det&id=1094
http://www.albahethon.com/book/
http://www.albahethon.com/book/
http://albahethon.com/?page=show_det&id=977
http://www.albahethon.com/?page=show_det&id=934
http://www.albahethon.com/?page=show_det&select_page=51&id=877
http://albahethon.com/?page=show_det&id=866
http://albahethon.com/?page=show_det&id=792
http://albahethon.com/?page=show_det&id=767
http://www.
http://www.albahethon.com/book/
http://albahethon.com/book/
http://www.alazmenah-ti.sy/



Copyright © albahethon.com . All rights reserved.